الإبداع بشكل ما في الخليج والعالم العربي يمر بالكثير من التحديات والأزمات، ويكاد يكون كإبداع فردياً في أوقات كثيرة من مراحله، فكيف يكون الأمر حين يتعلق بالمبدعة، وهي التي تلازمها لعنة الأنوثة أينما مضت، ودائما هناك ما يحدث تحت السطح، فبينما يكون هناك الكثير من الاحتفاء بما تُحدثه المرأة المبدعة من نتاج أدبي أو فكري، فإن معاناة ما يكتنف حضورها وتحركها ضمن السياق العام في الحياة الأدبية، وقبل أن نبحث عن حلول لكل التحديات أو بعضها، لما تواجهه المبدعة، فإنه لا بد من الغوص عميقا في الحراك الأدبي الذي تتحرك منه وخلاله كل مبدعة. وما زال هناك على سبيل المثال، الخلاف القائم والخلط الكبير، بين سياقات ومعاني ونتاج كل من الأدب النسائي والأدب النسوي، بحيث لم يُعترف به كأدب فكري حقيقي، وأصبح مرادفاً للحقوقية والمساواة، وهذه أحدى أبرز الإشكالات، بينما في حقيقة الأمر؛ أنه ليس مجرد صِراع ضد النظام الذكوري، بقدر ما هو تعبير عن كينونة المرأة من خلال الإبداع، وبهذا غُيب النموذج الذي يمكن الاقتداء به للخروج من مرحلة الأدب النسائي، إلى المرحلة الأكثر نضجاً فكرياً، وهي مرحلة النسوية. وهناك أيضا التحدي الذي يظهر بوضوح كبير يتمثل في تغييب المرأة عن قضاياها الفكرية، وتقدمها في المشهد الفكري كطرف مشارك، وليس أساسياً في الحراك الفكري بشكله العام، متجاهلة أن الأدب هو نتاج إنساني وليس قابلاً للتجنيس، أو التراتبية النوعية تبعاً للنوع، بمعنى الرجل أولاً والمرأة ثانياً، وهذا غير صحيح، والإيمان به كواقع هو مساهمة في إقصاء المثقفة والمبدعة، وعليها أن تؤمن أولاً بأن الأدب والفكر لا يجنسان، ولا يُقيمان بالنوع بقدر ما يقيمان بالمعنى والمضمون والقدرة على الحضور والفاعلية. وأظن أن الأسباب التي أدت إلى اتّساع الدائرة التي تتحرك من خلالها المبدعة أو ضيقها، يرجع إلى معطيات كثيرة، المرأة ذاتها أحد أسبابها، بتواجدها في كل مرة في الصف الأخير. أو المقعد الثاني في المشهد الكبير للإبداع، بينما تشكيل وعي نسوي وقيامه من التعثرات والتحديات التي تطاله، لن يكون من الخارج بل من الداخل، من داخل الفكر الذي تنتجه المرأة وتؤمن به، ولتنتج إبداعا عليها أن تكون امرأة متفردة، تخلق المكانة ولا تبحث عنها، أن تظهر ككيان حُر وليس أن تتماهى في الصورة المميعة لوجودها، وأن ترى بوضوح أين يكمن الخلل. وأن تتبنى خطاباً قوياً، وأقصد هنا بالخطاب الذي عليها تبنيه، هو ذلك الخطاب التفكيكي الذي يطال كل المعوقات التي طالت فكر المرأة المبدعة في صميمه. وهذا لن يقوم عليه وبه إلا المرأة ذاتها بداخل فكرها الحلول وليست خارجه.