كثير من المتحررين والمحسوبين على التيار المنفتح، ينتقدون ترميز الناس وتقديسهم، خاصة من محبي الشيوخ والدعاة. ودائما يكررون عبارة أن هؤلاء بشر وليسوا ملائكة. ويؤمنون بحقهم في التعبير عن آرائهم بكل حرية، ويجب على الناس ألا يغضبوا من هذه الآراء، فلا قدسية لأحد غير الأنبياء والرسل، وهذا كلام منطقي وجميل وأتفق معه تماما، ولكن يا ترى، هل مَن يدّعون التحرر والإيمان بالرأي الآخر فعلا يؤمنون بالحرية وقبول الآراء المختلفة في أبسط الأشياء مثل الفن؟

جرب أن تقول لمحبي أم كلثوم، إن صوتها لا يطربك، أو جرب أن تقول لمحبي فيروز إن كلمات أغانيها سخيفة ولا تعجبك! صدقني سيتحول هذا المتحرر إلى مثل من ينتقدهم من مقدسي اللحوم المسمومة، وسيشخصن الأمور ويتهمك بقلة الذوق، وأنك لا تفهم في الطرب ولا في الموسيقى! وقد يشك في وجود آذنين في رأسك لمجرد أنك لم تُعجب بما يعجبه!

عزيزي الذي تنادي بحرية الرأي وتقبُّل آراء الآخرين، أنا حر في ذوقي الفني، ولست مجبرا على مجاملتك أو مجاملة رموزك. فلا تُملِ عليّ ذائقتك الفنية، ولا تعدّ أن من تطرب لهم هم المعيار الحقيقي للطرب والفن.

الطرب مثل الجمال نسبي، فمن تراه جميلا ربما يراه غيرك قبيحا.

أم كلثوم بالنسبة لي صوت لا أجد فيه أي طرب، وللأمانة أحب أغانيها، ولكن بأصوات مطربين آخرين، لأني لا أستسيغ صوتها. هي مجرد صوت قوي بدليل أن الكلثوميين ما زالوا يتغنون ببُعد سيدتهم عن المايكروفون، وكأن الصراخ هو معيار الطرب!

أعرف أنك الآن حانق وغاضب، وتنتظر أن ينتهي هذا المقال المستفز، ولكن حاول أن تهدأ وتتقبل الرأي الآخر بصدر رحب.