سأستعير هذا الوصف من إحدى المكتبات الشهيرة، لأطلقه على الجامعة التي يحدثني عنها صديقي الكريم!

كنا في جولة في منطقته، التفت نحوي قائلا: أعتقد جازما أن أهم مشروع تنموي قدمته الدولة لمنطقتنا هو الجامعة! لم يكن في منطقتنا حياة -يقول صاحبنا- حتى صدر قرار إنشاء الجامعة. منذ اليوم الأول بدأ يتغير وجه المنطقة. أنا لا أحدثك عن جوانب تعليمية -يقول- حتى وإن كانت هي الهدف الرئيس. أنا أحدثك عن جوانب أخرى: اجتماعية، اقتصادية، صحية، استثمارية. ما يحدث في منطقتنا أمر يصعب أن اختصره لك في دقائق. "تغيرت منطقتنا بشكل كبير.. كبير"! غادرت تلك المنطقة الغالية، وما تزال كلماته حتى لحظة كتابة هذا المقال تشتغل في ذاكرتي.

قلت قبل فترة، إن جامعاتنا ذات أسوار عالية. أسوار عزلتها عن المجتمع من حولها. لكن الموضوعية تفرض أن أقول "بعض"، إذ كما أن هناك جامعات كالتي يحدثني عنها صاحبي، فهناك جامعات أصبحت عبئا على التنمية.

في أي مجال، يكون حظك رديئا حينما تمتلك الإمكانات والصلاحيات والطاقات وتبقى خامدا، لا تفعل شيئا!

كل الرجاء مع معالي وزير التعليم، أن يكون مبادرا ويتحمل مسؤولية مضاعفة؛ للنهوض ببعض الجامعات الناشئة التي إما أنها ما تزال في مكانها أو تراجعت إلى الخلف. الأمر الأول الذي أضعه على طاولة الوزير، أن لدينا اليوم عددا من الجامعات دون مديرين، ولك أن تتخيل جامعة دون مدير! الأمر الآخر، هناك جامعات ابتليت بمديرين قتلوها وحولها إلى مدرسة ثانوية كبيرة لا أكثر. هؤلاء لا يعيقون الجامعة فحسب؛ بل يعيقون المجتمع عن استثمار فرصة حقيقة للنهضة والنمو والتنمية.

لا بد يا وزير التعليم، وسبق أن قلنا ذلك مرارا، أن يستوعب بعض مديري الجامعات السعودية أن "المجتمع المحلي" للجامعة ينتظر منها أن تسير في خطين متوازيين: حقل للاستثمار العلمي والمعرفي وأداء رسالتها العلمية، وبالموازاة تزيل الأسوار العالية، وتفتح أبوابها لتصبح مركزا اجتماعيا، تمتد آثاره إلى خارج أسوارها بمسافات طويلة.

المجتمع يريد على وجه التحديد من بعض الجامعات الناشئة أن تتحول من كهف أثري موحش، إلى منارة حضارية تنبض بالحياة!

هل الأمر مستحيل؟!