من السهل أن نصب الشتائم على هذا الشباب المسلم الذي جاء إلى أوروبا، وتخلى عن أغلى ما يملك، وهو عقيدته ودينه، واستبدل الصلاة في المساجد، بالقداس في الكنيسة، وترك راية التوحيد، ليحمل الصليب على صدره، لكن الأفضل أن نسعى إلى فهم ما حدث معهم، ومعرفة دوافعهم، وبعدها يمكننا أن نتساءل: هل أوروبا هي أرض الغواية والظلال؟ وهل نتحمل نحن المسلمون قسطا من المسؤولية عن كل ذلك؟.


المسلمون ناكرو الجميل

يتحدث القسيس العربي في الإذاعة الألمانية، مستنكرا استقبال أوروبا لهؤلاء اللاجئين المسلمين الذين جاؤوا طلبا للمساعدة، واستعطفوا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حتى تفتح حدود بلادها لهم، فلما آوتهم ألمانيا، وأحسنت وفادتهم، إذا بهم "يؤذون المسيحيين القادمين معهم من سورية"، ويطالب القسيس بإلزام المسلمين بأن يتعلموا التسامح الديني، وأن يقبلوا بأتباع الأديان الأخرى، وإلا وجب عليهم أن يرحلوا من حيث جاؤوا، لأنهم لا يستحقون الشفقة، ما دامت قلوبهم تمتلئ بهذا الغل والكراهية للمسيحيين "حسب تعبيره".

لم يكن هذا التقرير فريدا من نوعه في الآونة الأخيرة، بل انتشرت في كثير من وسائل الإعلام تقارير عدة عن اعتداءات اللاجئين المسلمين على نظرائهم المسيحيين عموما، وعلى اللاجئين الذين غيروا ديانتهم الإسلامية إلى المسيحية بصورة خاصة، بل وزعمت التقارير أن المسلمين هددوا هؤلاء المتحولين عن دينهم بالقتل.

في الأسبوع الماضي، قامت إحدى كبريات الصحف الألمانية الأسبوعية، واسمها "فرانكفورترألجيماينهزونتاجستسايتونج" بتحري الأمر، ووجدت أن هناك منظمة مسيحية اسمها "الأبواب المفتوحة – أوبن دورز"، هي التي تصدر إحصاءات تزعم أنها شملت جميع أنحاء ألمانيا، وأنها تثبت أن الأمر ليس عبارة عن حالات فردية، بل هي ظاهرة عامة.

توصلت الصحيفة إلى كذب هذه الإحصاءات، واعترف مسؤول في أحد معسكرات اللاجئين، بأن الواقعة التي ذكرتها المنظمة، تقلب الحقائق رأسا على عقب، لأن الشاب السوري الذي اعتنق المسيحية، هو الذي بدأ بالاعتداء على اللاجئين المسلمين، وأن الخلاف لم يكن له أي علاقة بالدين، وعند مواجهة المنظمة بهذه الحقائق، فشل رئيس المنظمة، واسمه ماركوس روده، في الرد على ذلك، أو تقديم أي دليل على حالات مشابهة.

المؤسف في الأمر، أن هذه القصص المزعومة عن المسلمين ناكري الجميل، قد ترسخت في أذهان كثيرين، علاوة على الاعتداءات التي قامت بها مجموعة من الشباب المسلم في ليلة رأس السنة على النساء والفتيات، مما أضاف إلى صورة المسلمين أبعادا سلبية جديدة، إلى جانب الاتهامات بالإرهاب، واضطهاد المرأة.

فهل هذا هو السبب في فرار بعض اللاجئين المسلمين إلى الكنيسة، حتى ينأوا بأنفسهم عن كل هذه السلبيات، وكأن اعتناقهم للمسيحية، سيزيل عنهم كل هذه الخصال السلبية، ويجعلهم أوروبيين متحضرين؟



القسيس السعيد

كانت كنيسة "الثالوث" في برلين تعاني منذ 5 سنوات من الخواء، وقلة عدد المصلين، ولم يكن القس جوتفريدمارتينز يجد في قداس الأحد، سوى مجموعة من كبار السن، لا تتجاوز أعدادهم أصابع اليدين، لكن هذه الكنيسة أصبحت خلال الشهور الماضية، أسرع كنائس ألمانيا زيادة في عدد مرتاديها، فقد اعتنق حوالي 850 مسلما الديانة المسيحية، وهناك حاليا 350 آخرون يحضرون الدروس الدينية تحضيرا لتعميدهم، بعد اجتياز الاختبار الديني، وكلهم من الناطقين باللغة الفارسية، ومعظمهم من اللاجئين الإيرانيين، علاوة على بعض الأفغان.

في مساء الأربعاء، يحضر حوالي 200 شاب وفتاة هذه الدروس الدينية، وتكتظ القاعة بالحاضرين، ويتنقل القسيس مارتينز بينهم، شارحا لهم الديانة المسيحية، ومن ورائه مترجم ينقل كل جملة إلى اللغة الفارسية، ويسعى القسيس إلى ربط المفاهيم الدينية بالخلفية الثقافية لهؤلاء الشباب المسلمين، فيقول لهم مازحا: "حرام أن يزعم أحدكم أنه رأى المسيح في منامه، وأنه أمره بشيء يخالف ما ورد في الإنجيل"، لأنه يعلم أن الأحلام تلعب دورا كبيرا في ثقافتهم، ثم يتحدث بلهجة جادة قائلا: "سيضطر بعضكم أن يتخذ قرارا، إما لصالح ربه، أو لصالح عائلته، وعليه أن يختار بينهما".

تعترف صحيفة "فرانكفورترألجيماينه" في تقريرها الصادر يوم 23 مايو 2016، بأن هناك بين مئات الإيرانيين وعشرات الأفغان، الذين جاؤوا إلى برلين، واكتشفوا فجأة حبهم للمسيح والتحول إلى المسيحية، لأنه يفعل ذلك بهدف ضمان بقائه في ألمانيا، ولذلك فإن الزعم بأنهم ارتدوا عن الإسلام، يوفر لهم سندا قانونيا قويا.

ومن لا يصدق أن مسلما يمكن أن يفعل ذلك لأسباب انتهازية، فإن هناك ما يفوق ذلك، فقد نقلت الصحيفة عن مسؤول ألماني في أفغانستان قوله: إن المهربين أبلغوا الشباب الأفغاني أن الدول الأوروبية ترفض طلبات لجوء الأفغان وتعيدهم إلى بلادهم، إلا إذا زعموا أنهم مسيحيون وشواذ جنسيا، ولذلك فإن آلاف الشباب الأفغاني مستعدون لوصم نفسهم بكل ذلك، من أجل البقاء في الغرب.


الحقيقة أكبر من ذلك

ربما يكون ذلك الرأي مريحا لكثيرين، فيطمئنون أنفسهم أن الأمر كله عبارة عن مسرحية هزلية، وأن هؤلاء بقوا على دينهم، وإنما فعلوا ذلك ليحصلوا على المميزات المادية، لكن ذلك خداع للنفس، فهناك جوانب كثيرة أخرى، لا بد من التأمل فيها، لعلنا نستفيد منها، في التعامل مع هذه التطورات.

يقول الشباب الإيراني المتحول إلى المسيحية، إنهم سئموا هيمنة رجال الدين على الحياة في بلادهم، فيمنعون كل شيء، ويفرضون قيودا على حياتهم اليومية، تبعا لأكثر المذاهب تشددا. ويقول شاب إنه كان يدرس العلوم الإسلامية، ولكنه اكتشف أن رجال الدين الذين درس على أيديهم، لم يكن همّهم إلا المال، وكانت رغباتهم دنيوية بحته، وأضاف أن العلم الديني بالنسبة لهم كان مجرد سلعة، يتكسبون بها.

يزعم شباب إيرانيون آخرون إنهم يشعرون بالحزن، لأن العرب يحملون لهم كراهية لا حدود لها، وفي المقابل يجدون المبشرين المسيحيين يحملون لهم كل التقدير والاحترام، فالقسيس مارتينز يدلهم على موضع في العهد القديم، يثني على الفرس ويمدحهم، ويضيف قائلا "إن أول من حصل على التعميد، واعتنق المسيحية، هم الفرس".

ومن مكر بعض القائمين على تبشير هؤلاء، أنهم قرروا أن يستبدلوا تماثيل المسيح التي تكتفي بجرح رمزي بسيط، بوضع قماش مخضب بالدماء، ليربط في أذهان المسلمين الشيعة بين آلام السيد المسيح وهو على الصليب "حسب زعمهم"، وبين ما تعرض له الحسين بن علي، في موقعة كربلاء.







الكنائس الأوروبية تستنفر جهودها

 


أبها:الوطن

أكدت مصادر في الكنائس الأوروبية أن أعدادا متزايدة من اللاجئين المسلمين يتحولون إلى المسيحية، وأن كثيرا من الكنائس في أوروبا تقوم بطقوس تعميد جماعية في بعض المناطق.

وقالت "صحيفة الجارديان" البريطانية، إنه على الرغم من عدم توافر بيانات دقيقة حول أعداد اللاجئين المسلمين الذين تحولوا إلى المسيحية، إلا أن هناك مؤشرات قوية على ازدياد أعداد اللاجئين المسلمين القادمين من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الذين يحضرون الطقوس الدينية والصلوات في الكنائس المسيحية.


عوامل التغير

تقول "الجارديان" إن هناك عوامل عدة ومعقدة خلف هذا التوجه، منها الشعور بالعرفان وبالجميل للجماعات المسيحية التي قدمت لهم المساعدة في ظروف صعبة وقاسية، وتوقع البعض الآخر أن التحول إلى المسيحية ربما يساعد في موافقة السلطات على طلبات اللجوء التي تقدموا بها، وأكدت أن البعض لديه "إيمان بالدين المسيحي".

وفي وقت مبكر من هذا العام، أقامت كنائس في برلين وهامبورج طقوسا جماعية مشتركة للاجئين المسلمين الذين تحولوا إلى المسيحية، إذ جرى تعميدهم في المسابح العامة التابعة للبلدية.

كما تلقت الكنيسة الكاثوليكية في النمسا حوالي 300 طلب تعميد "التعميد طقس يتم بسكب الماء على المواليد الجدد أو البالغين الذين يعتنقون المسيحية" خلال الأشهر الأولى من 2016، وتقدر الكنيسة بأن %70 من هذه الطلبات هي من لاجئين مسلمين تحولوا إلى المسيحية أخيرا.


طقوس بالفارسية

 وتذكر "الجارديان" أن مؤتمر الأساقفة النمساويين نشر في العام الماضي إرشادات جديدة، حذر فيها القساوسة من أن بعض اللاجئين قد يسعون للتحول إلى المسيحية أملا في تحسين فرصهم في الحصول على لجوء.

وقد شددت الكنيسة النمساوية إجراءاتها منذ 2014، إذ فرضت على جميع الذين يبدون اهتماما بالتحول إلى المسيحية أن يمروا بـ"فترة تحضير" تستمر عاما كاملا يتم اختبار صدق نواياهم خلالها.

وتشير البيانات إلى أنه في 5-10% من الحالات كان المتقدمون يغيرون رأيهم قبل إجراءات التعميد الرسمية.


الكنيسة والإسلام

ما يقوم هذا القسيس الذي يتبع المذهب الإنجليكاني المسيحي المتشدد، يتعارض مع التوجهات السابقة للكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية التي كانت ترى أن الدعوة للتبشير الواردة في الإنجيل، إنما تنصب على التبشير بين المسيحيين فقط، بمعنى توثيق علاقة هؤلاء المسيحيين بدينهم، ولا ينبغي أن تكون موجهة ضد المسلمين، حفاظا على السلام بين الأديان، وهو القرار نفسه الذي اتخذته الكنيسة من قبل، بعدم التبشير بين اليهود.

لكن الأوضاع بدأت على ما يبدو في التغير، ورأت بعض الكنائس أنه آن الأوان للاستفادة من الظروف الحالية للتبشير بين المسلمين، ولذلك كشفت مصادر صحفية أن الكنيسة البروتستانتية الألمانية كتبت أخيرا في مذكرة داخلية أنه يسعدها أن تشارك في تعميد اللاجئين الذين يعتنقون الديانة المسيحية.

أما القسيس مارتينز فيجاهر بتشجيعه اللاجئين الذين تحولوا إلى المسيحية، كي يقوموا بدورهم بالتبشير في معسكرات اللاجئين بين المسلمين، وأن يشرحوا لهم التجربة التي مروا بها، من الإسلام إلى المسيحية، وهو الأمر الذي يقلب الصورة التي تنشرها الجهات التبشيرية، بأن المسلمين هم من يحاول فرض إرادتهم على اللاجئين الذين اعتنقوا المسيحية.

وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن الصحيفة الألمانية المرموقة، كشفت عن وجود المبشرين المسيحيين الإنجليكيين، القادمين من الولايات المتحدة الأميركية ومن كوريا الجنوبية، داخل الأراضي الأفغانية، ليقوموا بأعمال تطوعية، مع منعهم من التبشير بالديانة المسيحية، علما أن الكنيسة الوحيدة الموجودة في أفغانستان، تقع داخل السفارة الإيطالية، لكن ما إن يصل اللاجئون إلى اليونان، حتى يجدوا المبشرين الأميركيين في انتظارهم، وينجحون في إقناعهم بالتحول إلى المسيحية.



ماذا فعلنا؟

تقوم كثير من المساجد في أوروبا بجهود ضخمة لمساعدة اللاجئين، وتوفر لهم الشعور بأنهم بين أهلهم وإخوتهم، وكذلك تقوم المنظمات الإسلامية بالتعاون مع السلطات المحلية الأوروبية في دعم اللاجئين، لكن بعض الجهات الأمنية تتخوف من هذا التعاون، خشية أن تقوم بعض المساجد بنشر أفكار متشددة بين القادمين الجدد، مما جعل تدخل الكنائس أسهل من المساجد، في الأنشطة التي يحتاجها اللاجئون.

ولكن لا بد من الاعتراف بأن هناك مشكلة أزلية بين التجمعات والمنظمات الإسلامية في الغرب، وهي الصراع المستمر على من يمثل الإسلام في هذه الدولة أو تلك، فهناك العرب الذين يعتقد بعضهم أنه الأولى بتمثيل المسلمين لأنه يفهم القرآن والحديث أفضل من غيره، وترى أقليات أخرى أنها صاحبة الحق في التمثيل، لأن مواطنيها هم أغلبية المسلمين، مثل الأتراك، ولكن حتى هؤلاء ينقسمون إلى موالين للدولة التركية، ومعارضين لها.

وهناك في الغرب صنف من المسلمين، يزعم أنه يتبنى توجهات تجعل الإسلام أكثر اتساقا مع هذه المجتمعات، ويسمونه إسلاما ليبراليا أو حتى إسلاما أوروبيا، وهؤلاء يرفضون المنظمات الإسلامية التي يتهمونها بالتشدد والفهم التقليدي للإسلام، وأخيرا هناك من لا يتورع عن إطلاق اسم "مسلم سابق" على نفسه، وهؤلاء أكثر الناس تحذيرا من الإسلام وأهله، وهؤلاء يجدون من يستضيفهم في كل البرامج التلفزيونية.

وأخيرا، هناك دول إسلامية كانت تقدم دعما سخيا للمسلمين في الغرب، ولكن دولا أوروبية عدة، اعتبرت ذلك في السنوات الأخيرة تدخلا في شؤونها، مثل النمسا، ورفضت الاستمرار في ذلك، حتى لا يكون الفهم الإسلامي متأثرا بمفاهيم علماء الدين في هذه الدولة الممولة.





دلائل تزايد التحول للمسيحية

 مسلما اعتنقوا المسيحية في كنيسة "الثالوث" ببرلين

يحضرون دروسا كنسية تمهيدا لتعميدهم

طلب جديد في الكنيسة الكاثوليكية في النمسا معظمهم لاجئون

شخصا من إيران وأفغانستان يحضرون في الكاتدرائية الإنجيلية ليفربول

من طقوس اعتناق المسيحية لمسلمين يرغبون في اللجوء السياسي


هل فات الأوان؟

نجاح هذا القسيس في تبشير المسلمين قائم على قناعته بأنه يفعل شيئا من أجل دينه، ولذلك فإنه لا ينام إلا سويعات قليلة، ويستقبل اللاجئين ليل نهار، ويساعدهم على الانتقال من المدن الأخرى إلى برلين، ليحضروا دروسه الدينية، وتوافق السلطات على ذلك، بمجرد حصول هؤلاء اللاجئين على توقيع منه، ويؤكد أن كل من اعتنق المسيحية في كنيسته حصل على حق الإقامة في ألمانيا.

ورغم إدراكه أن بعض الشباب يريد أن يخدعه، فإنه يتصرف وكأنه ساذج، ويساعدهم، لأنه على قناعة بأن حسن سلوكه معهم، قد يدفعهم إلى الاقتناع بهذا الدين، وهو الأمر الذي اعترف به بعضهم، بأن الأمر كان بالنسبة لهم في البداية تمثيلية، لكن هذه المعاملة، والتفاني الذي شعروا به من هذا القسيس، هو الذي جعلهم يتأثرون بشدة.