نهلة المطيوري
تشعر ليلة قدوم الشهر الفضيل برائحة خاصة تصاحب الشهر، فتتجدد فيك الروح الإيمانية المتفائلة والواثقة بالله، وتبدأ أواصر الأخوة بين المسلمين عامة والأهل خاصة بالتجدد وثوثيق العلاقات. فتبدأ زحمة المباركات للشهر لتوقظ فينا التسامح والرحمة والغض عن الزلات وكسب الأجر.
كما أننا نتذكر أناساً قد رحلوا عن عالمنا بدمعة أو غصة فقد جاء خير الشهور ولم يكتب لهم الله أن يدركوا صيامه وقيامه فنترحم عليهم. فإذا ما نظرنا إلى هذا الشهر الفضيل لوجدنا فيه الكثير من العبر الإنسانية ويبعث فينا نظرة مختلفة للحياة من خلال الدين.
إنه شهر فضيل كريم، كل مسلم في هذا الشهر غني بفضل من الله، الأعمال الخيرة بين الناس في تنافس، ولا مسلم ينام جائع دون طعام.
هناك رحمة وكرم عجيبين في هذا الشهر، فكل العسر يصبح يسرا. يبدأ الإفطار فتتجمع الأسرة حول مائدة الطعام وحولها ما لذ وطاب من خيرات الله، تشاهد الحرم المكي وقد التف حوله المسلمون من كل مكان، أمامك تمر أوصى بأكله رسولنا الكريم، فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد تمرا فالماء، فإنه طهور" رواه أبو داود والترمذي. وما هي إلا دقائق ويملأ جوفك بالطعام والشراب، فتتذكر رحمة الله بعباده وتشكره على الخيرات. كما أن من حكمة هذا الشهر تذكر الفقراء والمساكين، فيدفعك هذا أيضا لمزيد من أعمال الخير التي قد تشفع لك زلات الدنيا. لا نحبذ الإسراف في الطعام في رمضان فقد يكون عند البعض فكرة خاطئة عن وجوب ملء المائدة، فرمضان شهر لزيادة جرعة العبادة والتصالح مع الله والنفس وليس للتفكير بمائدة الطعام أو زحمة محلات الحلويات والبقالات. فقط خذ ما يكفي جسدك من الطعام المفيد بعد يوم صيام شاق، حتى تستطيع مواصلة العبادات دون أن تملأ معدتك تماما.