قدم الأديب الراحل غازي القصيبي شخصية "أبو شلاخ" البرمائي في الرواية التي حملت الاسم نفسه، وجاءت الشخصية مشوهة عبيطة كاذبة "تشلخ شلخا"، وتحمل تناقضات القيم في المجتمع.
شخصية تتحدث في كل شيء، وهو ما رمز إليه اسم "البرمائي"، تعتقد أنها تمتلك الحقيقة وتمارس الكذب كحالة انهزامية، تعبر عن نفسية مأزومة، لا تجد مكانا بين الناس إلا برفع الصوت والادعاء والكذب والتحقير.
ويبدو أن القصيبي تنبأ بظهور هذه الشخصية، وهو ما حدث حقا، حين ظهر بين معرفات "تويتر" شخص يحمل الاسم نفسه، يقدم نفسه مغردا ساخرا، تفرغ للضرب من تحت الحزام، والطعن في أخلاقيات فئة من المجتمع، هم المثقفون والكتاب، عبر التقريع والشتم، يفعل كل هذا من وراء ستار، وطبعا حقق الشلاخي الملثم جماهيرية عريضة في مجتمع يعشق "الطقطقة" والوناسة، وطبعا لأنه "سايقها" عليهم كمستطوع "فلة".
للجميع حق الاختلاف، بل إن الاختلاف سمة المجتمعات الحية والمتمدنة، ولكن مع حالة الشلولخ لن "تزبط معنا" مقولة الشيخ فولتير: "قد أخالفك الرأي ولكني أدافع عن حقك في قول ما تريد حتى الموت"، لأن "أبو شلاخ" "الفلاوي"، بباطله ما ترك لنا مجالا لندافع عن حقه، فهو قد جبن حتى عن المواجهة بشخصه، ولو كان يناقش الأفكار لكان الأمر أبسط من ذلك، لكنه يتفنن في الشخصنة وذكر الأسماء وشتم الآخرين بأسمائهم، هذا الرجل النبيل الخرافي خفيف الظل الظليل المتلطم بشماغ وهاشتاق.
خلاصة القول، إن أحدا لا يعنيه من يكون هذا الرجل الغامض الشتام اللطام بسلامته، لكن الكارثة أن يصدق فعلا ما أشيع أخيرا، بأنه اسم معروف، في هذه الحالة ستكون تحققت نبوءة القصيبي بالفعل، وصرنا أمام شخصية أبو شلاخ المريضة المأزومة والمتناقضة، فملك "البلوك" يبتسم في وجه زملائه في النهار ثم يشتمهم في الليل، من خلف الكيبورد.