يرى مراقبون أن الخلافات بين تركيا وألمانيا ستتسع تدريجيا في المرحلة المقبلة، بعد التحسن الملحوظ الذي شهدته العلاقات بين الطرفين في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد توقيع اتفاق إعادة اللاجئين الجدد الذين يصلون من تركيا إلى اليونان، مقابل حصول أنقرة على تمويل من الاتحاد الأوروبي للاجئين الذين تستضيفهم على أراضيها، فضلا عن تجديد مفاوضات الانضمام للاتحاد. وأضافوا أن الخلافات بين أنقرة وبرلين تأتي امتدادا لمخاوف الدول الأوروبية من تداعيات تنحي رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو، والتباين في التعامل مع قضية الحرب ضد الإرهاب، إلى جانب عدم الاتفاق على تعديل قوانين مكافحة الإرهاب في تركيا، بصفته أحد متطلبات إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرات الدخول إلى فضاء شينجن.
اعتراف برلماني
أثار اعتراف البرلمان الألماني بـ"إبادة الأرمن" على أيدي الدولة العثمانية خلال أحداث عام 1915، قلقا واضحا لدى بعض الدول الأوروبية، بعد إعلان تركيا أنها استدعت سفيرها لدى برلين للتشاور، داعية الحكومة الألمانية إلى تصحيح خطأ وصفته بالتاريخي. ووفقا لمحللين سياسيين، فإن القلق الأوربي نابع من إمكانية تأثير هذه التطورات سلبا في التزام أنقرة باتفاق اللاجئين، بشكل ربما يفرض تداعيات وخيمة على الدول الأوروبية التي تسعى في الوقت الحالي إلى منع أي لاجئين جدد من الوصول إلى أراضيها.
ويضيف المحللون أن ما يزيد من مخاوف الدول الأوروبية هو الانتقادات التي يوجهها لها الرئيس التركي رجب إردوغان، بسبب التباين في التعامل مع الحرب ضد الإرهاب، متهما تلك الدول بأنها "تحولت إلى ملاذات آمنة للأجنحة السياسية لبعض الجماعات الإرهابية"، في إشارة إلى سماح السلطات البلجيكية في مارس 2016 لبعض الأكراد المؤيدين لحزب العمال الكردستاني بتنظيم احتجاجات واعتصامات خلف مبنى الاتحاد الأوروبي الذي عقدت فيه القمة الأوروبية التركية بمشاركة داوود أوغلو.
وفي السياق ذاته، كانت بروكسل أطلقت سراح أحد المتشددين الذين رحلتهم تركيا في وقت سابق. ولاحقا شارك المفرج عنه، في العمليات الإرهابية التي وقعت في العاصمة البلجيكية.
ربط غير منطقي
وجهت وسائل إعلامية اتهامات إلى الغرب، بمحاولة الربط بين ما تقوم به بعض الفرق المتطرفة كتنظيم داعش من عمليات قتل ومجازر بحق المدنيين في العراق وسورية، وبين "ما سبق ترويجه من مزاعم بشأن مذابح ارتكبها الأتراك العثمانيون تجاه أرمن الأناضول"، مؤكدين أن الخطوة تهدف إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين عبر التاريخ. ويرى الأتراك أن التهاون مع القضية الأرمينية أو تقديم أي تنازلات في هذا الملف، يمثل أحد الخطوط الحمراء لدى المواطن التركي، ولهذا كان الرد الرسمي والشعبي سريعا.
يذكر أن تركيا لا تنكر الأحداث المأساوية التي خلفتها الحرب العالمية الأولى، بل أعرب إردوغان في 23 أبريل 2014 عن تعازيه لجميع مواطني الدولة العثمانية الذي فقدوا حياتهم إبان تلك الحرب وعلى رأسهم الأرمن، موجها دعوة من أجل السلام والتصالح، وذلك عندما كان رئيسا للوزراء.