العنوان سمعته من الإعلامي الزميل محمد الشريف في أحد اللقاءات التلفزيونية التي جمعتني به.
تهمة صلة السعودية بهجمات 11 سبتمبر 2001 مسمار جحا السياسي الذي كلما اختفت التهمة عادت للظهور من جديد، رغم أن نتائج التحقيقات التي أجريت أكثر من مرة أثبتت براءة المملكة من تلك الاعتداءات?.? كان أول من قضى ببراءة بلدنا في هذا الملف لجنة التحقيق التابعة للكونجرس الأميركي عام 2002. وفي العام المنصرم 2015 أكدت نتائج تحقيقات سرية لمكتب المحقق العام بوكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" أيضا براءة المملكة من تلك التهمة.
مارس 2016 صدر قرار محكمة فيدرالية أميركية يقضى بإدانة وتغريم إيران مبلغ 10?.?5 مليارات دولار لصالح شركات تأمين وأسر ضحايا 11 سبتمبر. هذا الحكم يُعد الثاني ضد إيران في ذات الملف، ففي عام 2012 قضت محكمة أميركية بإدانة إيران بالتعاون مع تنظيم "القاعدة" في هجمات سبتمبر وإلزامها بدفع 6 مليارات دولار تعويض لأسر الضحايا. مما يؤكد تورط إيران وحدها مع تنظيم القاعدة.
المملكة رائدة السلام في العالم، وأكثر الدول محاربة للإرهاب، وهي من تنادي دوما بالتعايش بين مختلف الشعوب على اختلاف دياناتها وثقافاتها، وهي أيضا رائدة حوار وتقارب الأديان، لكننا هنا نحاول رصد أسباب تكرار المسلسل بين حين وآخر وتفنيد المزاعم المكذوبة على بلدنا.
الجدل حول الصفحات الـ28 المذكورة التي هي قيد السرية لدى الحكومة الأميركية تعاود الظهور مرارا وتكرارا في السنوات التي تلت الحادثة، وفي هذه الأيام عاودت الظهور مجددا. الصفحات المذكورة تناولها الراحل سعود الفيصل في إحدى تصريحاته لـCNN قائلا: "نريد رؤيتها، فإذا كان هناك اتهام ضد السعودية، نود الرد عليه، لأننا نعلم أننا بريئون من أي اتهامات. وإذا كانت هناك معلومات عن داعمين (سعوديون) للإرهابيين، فنحن نريد التعرف عليهم لنتولى الموضوع".
تظهر هذه القضية على السطح في بعض المعارك الرئاسية الانتخابية الأميركية غير أن هناك أطرافا تتناول هذا الملف دون توقف، زاعمة اطلاعها على التقرير للنيل من السعودية وجديتها في مواجهة التطرف ومحاولة زعزعة العلاقة بين بلدين حليفين في الحرب على الإرهاب.
الترويج لأن تلك الصفحات تحتوي على إدانة للسعودية، حكومة أو أفرادا، في تلك الأحداث دون توضيح ماهية الاتهامات الموجهة كحق من حقوق المتهم، يعد مخالفة للقانون والأخلاق والأعراف الدولية، والاستمرار على تعليق القضية بهذا الشكل والتلويح بها في فترات معينة لاستخدامها بطريقة انتهازية أمر غير لائق ولا يخدم علاقات البلدين.
الأمر يكشف وجود تعاون إسرائيلي إيراني يمارس ضغوطا واسعة في الولايات المتحدة الأميركية لابتزاز المملكة في هذه القضية، وهو ينشط في هذه الأيام بشكل مستميت، مستغلا المرحلة الحرجة التي تمر بها علاقات البلدين واقتناص فرصة توجه الإدارة الأميركية أخيرا صوب إيران.
السؤال المطروح هنا: هل غاب عن هؤلاء ما عانته السعودية من تنظيم "القاعدة"، المدبر لاعتداءات سبتمبر؟! وهل نسي هؤلاء أم تناسوا العمليات الإرهابية ضد السعودية بفعل القاعدة نفسها، ليدّعوا أن السعودية دعمت عدوها الذي نفذ عشرات الاعتداءات ضدها؟ سواء من "القاعدة" ذاتها أو نيابة عنها من خلال ابنها الشرعي "داعش"؟!
ثم هل يليق تحميل دولة بأفعال بعض أبنائها المغرر بهم تحت أي صفة كانت تلك الأفعال، أخلاقية أو جنائية أو إرهابية؟ وهل هناك أحد وجه الاتهام للدول الأوروبية على خلفية مواطنيها الذين يقاتلون الآن في صفوف داعش والذين يصلون إلى بضعة آلاف من بين ما يقارب 5 ملايين مسلم أوروبي؟! بينما بلد مسلم كإندونيسيا يتجاوز تعداده 220 مليون مسلم يقدر عدد من انضم منهم لداعش حوالي 30 مقاتلا فقط، والهند التي يوجد فيها 120 مليون مسلم انضم منهم للتنظيم أقل من 20 فقط!
الإعلام الأميركي يروج مغالطات عديدة في هذا الجانب ضد المملكة. من هذه المغالطات ادعاء أن السعودية تهدد ببيع أصولها المالية في الولايات المتحدة الأميركية في حال نشر الصفحات المحجوبة، زاعمين أن الحكومة السعودية لا تريد نشر تلك الصفحات، بينما الحكومة السعودية هي التي تطالب بنشر جميع المعلومات في الصفحات المذكورة كما سبق إيضاحه أعلاه. أما موضوع بيع الأصول السعودية فهذا الأمر يتعلق بخشية السعودية من تجميد تلك الأصول وليس لغرض المساومة بعدم النشر.
السؤال الآن: أليست هذه تهمة تشهير وإساءة إلى السعودية وكل مواطن سعودي تستحق مقاضاة من يوجهها ضدنا، سواء كان إعلاما أو أفرادا؟ وكان آخرهم بوب جراهام عضو سابق في الكونجرس وحاكم فلوريدا من خلال لقائه المنشور في 17 أبريل 2016 على موقع CNN؟
يظن الكثير أن قضية سبتمبر انتهت إلى غير رجعة، والصحيح خلاف ذلك، خاصة فيما يتعلق بدعوى علاقة السعودية بها، ولن تنتهي إلا بالشفافية في كشف هذه الصفحات البائسة التي تُعاود تلطيخ بلدنا، سيما أن المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون أعلنت أنها عند فوزها سوف تسن مشروع ما يسمى بـ"العدالة ضد رعاة الإرهاب" ومحاسبة الدول المتورطة في هذا الملف. ونحن نقول أهلا بالعدالة فنحن نريد العدالة، ولتحقيق العدالة فإن المطلب الأول هو كشف تلك الأوراق حبيسة أدراج مبنى الكابيتول الأميركي لننزع "مسمار جحا" ولنغرسه في أعين المتربصين ببلدنا ظلما وعدوانا.