يقترب هذا العام من الأفول، ومع كل عام تعيدنا الذاكرة إلى أيام مضت، وسؤال يطرح نفسه بإلحاح: ماذا فعلنا؟... أين أصبنا وأين أخفقنا؟...وهل راح العمر سدى؟...
لا أنكر أنني عندما أحاول الإجابة عن هذا السؤال أشعر بالراحة حينا وبالاختناق أخرى لأنني لا أعرف ما إذا كنت قد اجتهدت وأصبت أو لم أجتهد كما ينبغي، لأن مصاعب الحياة فاقت كل تصور والألم المنسوج في كل ركن قد يبعد الدمعة عن عينك ولكنه لن يبعد الجرح عن قلبك مهما حاولت أن تسلخ نفسك عن الواقع الذي تعيش فيه زحمة الهول المندس في كل بقعة من هذه الأرض.
هذا ليس تشاؤماً إنما هو الواقع الذي فرض نفسه علينا دون إذن مسبق، والرياضة التي حلمنا أنها ستكون إحدى ملاجئنا خطّت خطوطاً لا علاقة لها بالاسم ولا بالتاريخ ولا بالاجتماع لتغدو في بعض الأحيان جزءاً من مساوئ هذا العصر عندما حولها البعض إلى تجارة فكانت رابحة لهم وخاسرة على الصعيد الاجتماعي!...
نحن جيل ذاك الزمان وإن قبلنا بسوق الرياضة لكننا لم نستسغه لحظة واحدة ونحاول جاهدين أن نصور للآخرين أننا من هذا العصر وقادرون على تغيير مفاهيمنا وفقاً لمتطلباته، لكننا في حقيقة الأمر نحنّ إلى أيام خلت عندما كنا نسمع عن فريق جمع من أفراده ثمن اللباس الرياضي ولم نسمع عن البعض الذين يتحكمون بالأندية ليصبحوا أكبر منها، وعن بعض إن رضي عاش النادي رغيداً وإن انزعج لأي سبب فعلى النادي السلام.
نحنّ لتلك الأيام التي نسمع فيها عن انتصار صنع بعرق جبين ابن البلد وليس بعرق الآخرين... نحنّ لتلك الأيام التي كان فيها الطفل ينهل الأخلاق والمبادئ من رفاقه في الملعب وبتنا اليوم نخاف على أولادنا من دخول أي منشأة رياضية كي لا يسمعوا موشحات بذيئة لم يسمعها من قبل، أو أن يرى تصرفات لم يألفها في حياته.
نعم.. الاحتراف أصبح ضرورة، ورياضة العرض والطلب أصبحت أمراً واقعاً، ومن يريد أن يبحر فيها فلا يكفيه أن يتعلم العوم بل عليه أن يكون أستاذاً مع مرتبة الامتياز في أحوال السوق ومتطلباته، ومع ذلك لم تتغير لكن القائمين عليها يجب أن يدركوا أنه إن لم يتعاملوا مع السوق بحكمة ولم يضيعوا في زحمته أولادنا فسينقضي عام آخر نحو الهاوية!