عزا سياسيون لبنانيون فوز لائحة "قرار طرابلس" التي يدعمها وزير العدل المستقيل، أشرف ريفي، بغالبية المقاعد في الانتخابات البلدية في لبنان، وتحديدا في طرابلس، كبرى مدن الشمال، إلى حالة عدم الرضا التي يشعر بها غالبية سكان تلك المناطق من الغياب المتواصل لزعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، عن البلاد، منذ خروجه من الحكم عام 2011، واكتفائه بزيارات متقطعة إلى لبنان، خلال العامين الماضيين، وكذلك ضعف الأداء السياسي لمعاونيه.

ووصفوا نتائج الانتخابات بأنها "جرس إنذار مبكر" للحريري بتراجع شعبيته السياسية، للمرة الأولى منذ ولوجه عالم السياسة عام 2005، عقب اغتيال والده في فبراير من نفس العام. وأضافوا أن العامين الأخيرين شهدا العديد من الأحداث السياسية في لبنان، كانت تستلزم حضور الحريري، لاسيما مع اشتعال الأزمة السورية، وتورط حزب الله في سورية.


غياب عند الأزمات

كذلك مثلت حالة الشغور الرئاسي أزمة أخرى، كادت تعصف بمستقبل لبنان السياسي، بسبب تعنت حزب الله وإصراره على انتخاب مرشحه، العماد ميشال عون، أو استمرار حالة الفراغ، رغم ما يمثله ذلك الوضع من مخاطر على أمن لبنان وسلامته، كونه تعطيلا لأهم منصب سيادي، يفترض أن يكون صمام الأمان للبلاد.

كما شهد لبنان أزمة كبرى بسبب اختطاف العديد من عناصر الجيش، بواسطة تنظيمي داعش وجبهة النصرة، عقب مواجهات شهدتها منطقة عرسال الحدودية، وما تبع ذلك من احتجاجات واسعة نظمتها عائلات الجنود المختطفين، ورغم نجاح المفاوضات مع تنظيم جبهة النصرة التي أسفرت عن إطلاق سراح الجنود، إلا أن الذين اختطفهم تنظيم داعش لا زالوا يعانون استمرار الأسر.




ضعف الأداء السياسي

كل تلك الأحداث يرى اللبنانيون أن أداء تيار المستقبل خلالها كان ضعيفا، ولم يواكب التطلعات. وفي المقابل بدأ نجم ريفي في الصعود، لاسيما بعد أن بدأ يتصدى وحيدا لتجاوزات حزب الله، وتطاول أمينه العام على دول الخليج، ووقوفه القوي ضد الإفراج عن الوزير السابق ميشال سماحة، المتهم بمحاولة اقتراف جرائم تفجير بالعمالة مع النظام السابق، حتى تم تغيير الحكم الصادر بالإفراج عنه، وإصدار حكم نهائي بحبسه 13 عاما، مع الأشغال الشاقة، وتوَّج ريفي مواقفه القوية بإعلان استقالته من منصبه كوزير للعدل في 21 فبراير الماضي، احتجاجا على سيطرة حزب الله على الحكومة وتحكمه في قراراتها.





استسهال التوافق

يقول الباحث والأستاذ الجامعي، زياد ماجد، "ما حدث في طرابلس أشبه بهزة، وأظهر بشكل واضح وجود حالة اعتراض على الأداء السياسي، وتحديدا استسهال الحريري التوافق مع شخصيات كان على خصومة معها لسنوات طويلة، من دون شرح أسباب هذا التوافق وأهدافه، كما تخطى هذا التوافق الفرز السياسي القائم، لذا ابتعد البعض عن المشاركة في الانتخابات، ومنح آخرون أصواتهم لخيارات بديلة". مشيرا إلى تحالف الحريري في الانتخابات البلدية في العاصمة والشمال مع قوى سياسية تقليدية كان على خصومة معها، ومن بينها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وشخصيات أخرى منضوية ضمن قوى 8 آذار التي يعد حزب الله أبرز أركانها. وقبل أشهر، أقدم الحريري على ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، أبرز حلفاء النظام السوري، لرئاسة الجمهورية، مما أثار امتعاض حلفائه في فريق 14 آذار.