على الرغم من أن القوات العراقية والشركات الأمنية التابعة لها استعادت قوتها أمام داعش، فإن اقتلاع التنظيم كلياً ستكون مهمة طويلة ومكلفة. ويأتي ذلك في وقت تعرَّضت فيه جميع أنابيب النفط الحيوية العراقية وبنيتها التحتية للعطب، وفي بعض الحالات للتدمير الكلي. وقد أسهم ذلك في تخفيض إمدادات الوقود المحلي وتقليص الصادرات النفطية.
ومع ذلك، فإن هناك تهديداً أكبر يهدد الاستقرار والازدهار على المدى الطويل في العراق، وهو القطاع الحكومي المتضخم وغير الفاعل. ففي حين تلتهم البيروقراطية العراقية الجزء الأكبر من موارد البلاد، إلا أنها فشلت في تقديم الخدمات الأساسية والبنية التحتية أو خلق التنمية الاقتصادية الحقيقية.
للتدليل على ذلك، هناك بعض الإحصاءات التي تشير إلى أنه تم إنفاق 70 % من ميزانية البلاد على رواتب موظفي الدولة الذين لا يقدمون سوى القليل من الخدمات. ووفقاً لمظهر صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فإن إنتاج العاملين في القطاع العام يبلغ متوسطه 15 دقيقة فقط في اليوم الواحد. كما أن المصانع المملوكة للدولة، والتي لديها معدات عفا عليها الزمن، وليست لديها خدمات للصيانة الجيدة، تنتج القليل فقط، رغم استعانتها بالمزيد من العمال بشكل أكبر من حاجتها.
وفي أوقات أكثر رخاء، عملت دولة الرفاهية العراقية جيداً بما فيه الكفاية للجميع، على الرغم من عدم فاعليتها. فقد تم منح العراقيين وظائف حكومية، وحصصاً غذائية، وطاقة مدعومة تشمل الوقود والكهرباء. وفي الوقت نفسه، استخدمت النخب السياسية نظام المحسوبية لتعزيز قوتهم، ولكن في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، فإن هذا النظام لم يعُد موجوداً. بدون إصلاح جاد، يمكن أن يفلس القطاع الحكومي للبلاد قريباً.
وخلافًا للحكومات التي تعتمد في المقام الأول على الإيرادات الضريبية، فإن العراق كان لديه بعض عمليات المراقبة على الإنفاق العام المفرط، فغالبية الإيرادات التشغيلية في بغداد تأتي من صناعة النفط، وخلال فترات ارتفاع أسعار النفط، كان الطلب على إصلاحات الإنفاق منخفضا. لكن الآن، وبعد أن تهاوى سوق النفط العالمي، فقد تجاوز الإنفاق المكاسب، مما يجعل الدعوات إلى الإصلاح أكثر قوة.
في عام 2015، عانى العراق عجزًا في الميزانية قدره 21 مليارا، والعجز هذا العام قد يصل إلى 26 مليار دولار. وأجبرت الفائدة في إصدار السندات في السوق العالمية، بغداد على إغلاق الفجوة في الميزانية باحتياطيات العملة. وكانت تلك الاحتياطيات انخفضت من 75 مليار دولار في مايو 2014 حتى 61 مليار دولار في أكتوبر عام 2015، ويتوقع أن تنخفض إلى 43 مليار دولار بحلول نهاية عام 2016. لكل هذه الأسباب، فإن الظروف اللازمة من أجل الإصلاح تُعد جيدة، على الرغم من الصعوبات في العراق. ويمكن للحكومة على الأقل أن تعمل للحصول على عوائد أفضل من الإنفاق على مرتبات موظفيها عن طريق الاستثمار في أصول البنية التحتية.