عندما تعقد الورش على مستوى أجهزة الدولة، ويتناول المختصون وقادة هذه المؤسسات أو نوّابُها مناقشة ميزانية كل قطاع، وكيف ستُدار هذه القطاعات بعد إطلاق برنامج التحول الوطني؛ يتبادر إلى ذهن أبناء الوطن، خصوصا جيل الشباب، ما مفهومنا للتحول الوطني، وهل المقصود منه الاعتماد الكلي على موارد كل قطاع دون النظر إلى ثروته الحقيقية؟ وكم ستدرّ من الأموال على قطاعهم؟ وهل سيحصل اكتفاء ذاتي حتى لا نعود إلى صناديق الدولة أو مدخراتها التي تعلُنها وزارة المالية بين حين وآخر؟ إذ إن اليوم لم يعد هناك تحكما أو ريموت كنترول للمالية على حساب الإنجاز. اليوم، هناك محاسبة دقيقة للمنجزات الوطنية، خلال إمداداتها الذاتية التي ظلت سنوات طويلة شبه معطلة، والأمثلة كثيرة جادة، لمسناها خلال استثمار الأمانات في المدن والمحافظات، وتجربتهم كانت مفتاحا للتنوير لهذا البرنامج الوطني الطموح. كذلك الحال في وزارات العمل والزراعة والصناعة ومدنها، والطاقة وشركاتها، والطرق والمدن السياحية، وكل ما يمكن أن يكون لبنة في التحول الوطني.
يبقي التساؤل: أين دور القطاع الخاص من هذه المنظومة؟
هذا القطاع أليس هو من اغتنى من جيوب المواطنين سنوات طويلة، وهو الذي استفاد من موارد هذا البلد الكريم، وعطاء هذا البترول على مدى عدة عقود؟ البنوك، المصانع، المحلات التجارية والمولات الكبيرة، مدن الملاهي، أين هي في دفع عجلة التحول المرتقبة؟
لقد رأينا رجال الأعمال يشتغلون عبر المجالات التنسيقية في مصر وتركيا والأردن وغيرها، لصياغة تجارة تبادلية جديدة جاءت بها عقلية ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مع إخوته في المجلس الاقتصادي والتنموي الذي حرك المياه الراكدة تجاه رجال الأعمال قبل أجهزة الدولة التي قبعت سنوات وهي تدير ملفات نهايتها صرف الراتب في آخر الشهر. نحن اليوم أمام تحول جديد ومتجر متنقل بدءا من الثروة البترولية ومشتقاتها إلى ما تدره الأراضي والمنح الزراعية، وإقامة المشروعات التنموية عليها، وكذا المدن الصناعية التي جلست سنوات تغدق على رجال الأعمال -بارك الله لهم- بما نؤكد معه أنه جاء الدور الذي يتولاه قطاع الأعمال مع حكومة التحول الوطني المقبلة. ربما لا يدرك بعض المواطنين أن غاية هذا التحول هو الدفع بالمليارات إلى خزينة الدولة دون الاعتماد على البترول الذي سيطاله أيضا عبر أرامكو جزء من هذا التحول بتخصيص 5 % منها أو أقل إلى شركة مساهمة، تكون نتائجها عائدة على هذا الوطن وأبنائه. المواطن اليوم قاب قوسين من التعرف على طبيعة هذا البرنامج الرائد الذي تعاملت معه بعض دول الجوار، ونجحت بزيادة ميزانياتها أضعاف اعتمادها على البترول، وإلى وقت ليس ببعيد كما تقول هذه الإحصاءات التي نُشرت عن تلك الدول، إن الوطن على موعد قريب جدا لأخذ مزيد من المعلومات حول برنامج التحول الكبير الذي يأتي في زمن الحزم والإرادة القوية، لتحقيق طموحات مواطني الدولة التي تمتلك كفاءة جيل الشباب الواعد، إذ لا شك أن كل مواطن سيتعرف خلال أيام على تفاصيل أكثر عن هذا البرنامج الوطني الذي يحمل بصمة ولي ولي العهد، وفريق العمل الكبير معه في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، وبعقول رجال آمنوا أن التنمية يجب أن تنبع من شراكة الدولة مع القطاع الخاص، لتقديم مزيد من الثقة في النتائج المرتقبة، بحول الله.