أنهت المؤسسات الثقافية المحلية موسمها وسط تباين في مستوى الأنشطة، وكان لافتا في نشاطاتها "الملتقيات"، التي أصبحت أشبه بـ"موضة" في السنوات الأخيرة، حيث تباينت مواقف المثقفين حيالها، خاصة فيما يتعلق بمضامين ومستويات البحوث المقدمة إليها، ناهيك عن آلية الدعوات والمشاركة فيها والتي شهدت تذمرا عاليا، خصوصا من قبل بعض المبدعين والنقاد.


أوراق هزيلة

هناك جدية من قبل الباحثين في تقديم أوراقهم العلمية خاصة حينما تطبع الملتقيات وتنشر نتاج الباحثين. كلما توسعت دائرة البحوث ووجد مورد لها كالمؤتمرات كلما أصبحت تلك الأوراق التي تقدم هزيلة، وذلك يرجع إلى اللجان التي تفرز البحوث.

الملتقيات لها تأثير في الحركة الثقافية حينما تكون جذورها قوية بعيدة عن السطحية.

إيمان الأنصاري

أكاديمية


تأثيرها يرتبط بالتفاعل





الملتقيات الأدبية بطبيعتها يجب أن تغلب الجدية على مناشطها، وأي ملتقى يتخلى عن جديته وموضوعيته لا ينجح، حين ننظر في أوراق الملتقيات نجدها تتباين بين القوة والضعف، وغالبا ما يكون الضعف من جانبين، إما مجاملة صاحب الورقة، أو مجاملة المدعوين للحضور فقط، حضرت الكثير من الملتقيات ولمست الجدية، وسمعت همس الحضور أحيانا بقوة ورقة وضعف أخرى، لكن تلك الأحكام غالبا تظل انطباعية، لكن المؤرق في الملتقيات تكرار الأسماء سواء في المشاركة أو الحضور. الملتقيات أيضا تعاني من تصرفات بعض المثقفين، حين تعتمد أوراقهم ويعتذرون قبل الملتقى بوقت ضيق، أو يغيبون دون إشعار، وربما يضطر المنظمون إلى تغطية الفراغ بأوراق أخرى أقل مستوى. تأثير الملتقيات يرتبط بالتفاعل والحضور، وللأسف لب معظم الملتقيات لا يراها المجتمع إلا في نتف الأخبار والتغطيات الصحفية المبتورة التي تخضع أيضا للعلاقات والأسماء واستعجال الصياغة، والبحث عن الإثارة غالبا.

أحمد الهلالي

شاعر


مأزِق الذاتية في مشهد الإقصاء

في لُجَة الصراع المعرفي، والحراك الثقافي المحتدم من الفكر واللا فكر، تبدو ضبابية الاحتكامِ والحكم على المشهد الثقافي منْ منظورين الأول: الاستهلاك ، الثاني: الاستحقاق -رغم ندرته- إنْ وَقَفْنا مع الاعتقادِ الأوَّل ربما يُقِرُّ أغلبنا بهذه الفكرة؛ إذ ما يعانيه المُثقف السعودي يقع ضمن أمرين اثنين، الأول الاشتغال الجادّ ممَّا يُؤكد استحقاقه ومن ثُمَّ رغبة المؤسَّسات الثقافية والمُلتقيات الأدبية في الإبقاء عليه، هُنا يظهر أمران واحد يختص بالمثقف الذي ما إِنْ تفوق واستطاع نقش اسمه في سماءِ الثقافة أن يهوي نحو البداية، صورة أشبه بالانحدار نحو الاستقرار، في اتكالية تلك المؤسّسات عليه لإحداث علاقة تبادلية من الرضا وعقد شراكة ضمنية- مع عدم مقدرته اللّحاق بها-ربما لا يشعر بها الطّرفان ولكنها حقيقة ماثلة للعيانِ، إذ في اعتقاد كل منهما أن ذلك أمر طبيعي؛ لخلو السَّاحة من الأسماءِ الثقافية والنقدية ذات الهم الفَاعل والقادرة على الامتزاج بالمشهد الثقافي بناء على شروطه المخملية حينا والمخجلة حيناً آخر، أما فكرة الاستحقاق فتعني الوقوف الجادّ بين يدي الخلخلة والغربلة والتجدد والخروج من مأزق التِّكرار، التي باتت تنخر في الكيان الثَّقافي، حتى بتنا نُقِرُّ بأسماءِ المُعَدّين لأوراقِ هذا المُلتقى ونُميزها عن أسماء المُلتقى الآخرِ-مع تغيير طفيف- إنَّه المشهد الثقافي النمطي القاتل. لم تعد تهم الكيفية ولا الغاية الّتي تُؤسس وُفقها محاور الملتقيات وأَهدافها ومدى مناسبتها للواقع من عدمه!! إذ يبدو أنّ أهداف ومحاور الملتقيات تتخذ سمة الاجترارِ والنخبوية فِي معظمها؛ فتأخذ صُورة السُّكون إلى ما قبل البرنامج وافتتاحه، وبعدها تخرج إلى النَّور، وهذا التغييب يدخل ضمن أمرين ، إمَّا الإعداد المتأخر والورطة مما استوجب طَرْقَ أبوابِ الشُّركاء لإنقاذ المُوقف؛ يكشفه أنَّ بعض المحاورِ في جهة والأوراقِ المطروحة في جهة أخرى، والأمر الآخر أننا ما زلنا نعيش مأزق الذاتية والنُّخب في مشهدِ الإقصاءِ والتهميش للمجتمع وأفراده، وبذلك ينتفي الدَّور الرّيادي الذي تحدثه الثقافة بمختلف أَشكالها ومؤسساتها.

أسماء الأحمدي

أكاديمية