ما بين أندية معسرة وأندية تخطر على حافة خط رفيع يقيها شر الإفلاس، وأخرى تلاحقها الشكاوى المرفوعة من كل أصقاع الأرض، لا تزال هناك فئة من الجماهير تطالب وبكل براءة وسذاجة برئيس كاش "يدفع من جيبه الخاص" ليخلص الأندية من عثراتها المالية، ويفتح حساباته البنكية على مصراعيها ليروي بأمواله الطائلة خزائنها الخاوية.
الجدب المفاجئ الذي اجتاح كل الأندية بلا سابق إنذار، جعلني أقطع الشك باليقين أن مصطلح "رئيس كاش" ليس إلا محض خرافة ومفهوماً ميتافيزيقياً صرفاً انقطعت حباله عن الواقع الذي فرضته الرئاسة العامة على الأندية.
إنها كذبة دبرها رؤساء الأندية بتواطؤ مع بعض الإعلاميين وصدقتها الجماهير، عشنا معها حقبة الرئيس الكاش الذي فتح كل خزائنه ليرمي 100 مليون سنوياً هكذا بلا مقابل، ونحن معاشر الجماهير لم نكلف أنفسنا أن نصبح ديكارتيين أو نعتنق أي مذهب من مذاهب العقلانية، ولم نطرح هذه الخرافة على طاولة الشك المنهجي أو الشك اللامنهجي، فالمهم أن نشك لا أكثر.
ورثنا مقولة السالفين القائلة بأن من تمنطق فقد تزندق، وجعلناها نبراساً نهتدي به، لكننا على كل حال لم نقطع كل الأواصر مع العقل والمنطق، فقررنا وبكل دهاء أن نضفي على خرافتنا شيئاً من الديكارتية والعقلانية، وخرجنا بحجة دامغة لا يخالجها شك أن الرئيس الكاش عندما قرر أن يمطر على رؤوسنا وابلا من ملايينه التي لا تحصى فإن دافعه ليس الإيثار وعشق الكيان المتسول في الحقيقة، بقدر ما كان رغبة في الشهرة.
إذن الدافع هو الشهرة، هي سر هذا الكرم الحاتمي المستغرب على جموع الدهاقنة، إنه اتفاق جماعي على تبرير كذبة، وتسوية خرجنا بها بعد دراسة مستفيضة على طاولة الشك، لكي نواجه ظلمة مدلهمة من الشكوك انقشعت بشعاع العقل المستنير.
وحتى تأتي الخصخصة ستتلاشى من الآن خرافة الرئيس الكاش المنسوجة من وحي خيال خصب، وحينها سيستبدل الرئيس الكاش يديه الكريمتين بعقل أداتي هو في الواقع أشد بخلا وأقل كرماً.