في آخر حياته وعندما داهمه المرض، ذهب أول وزير مالية في تاريخ الدولة السعودية عبد الله السليمان إلى وزير العدل آنذاك الشيخ محمد الحركان يسأله عن أفضل عمل يقدمه لوجه الله، فأوصاه بثلاثة: صدقة جارية وعلم نافع، وولد صالح يدعو له، وكانت ثالثة الوصايا يأمل أن يتمها الله له، أما الاثنتان الباقيتان فهما بيده؛ إذ وقتها كانت جامعة جدة الأهلية في طور التأسيس وتعاني مالياً فذهبوا لعبد الله السليمان الذي وجدها فرصة يقدم من خلالها كافة الوصايا التي استمع إليها.

من هنا بدأت قصة تحول جامعة جدة إلى جامعة الملك عبد العزيز حين اشترط تغيير اسم الجامعة لجامعة الملك عبد العزيز الأهلية، وذلك وفاء لمن وثق فيه طويلاً الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله –.

ويقول أحمد عبد الله السليمان لـ"الوطن": كنت آنذاك مديراً لمكتب الوالد، وكان الحدث قبل وفاته بعدة أشهر، ولما أحس بمرضه ودنو منيته، قرر أن يقدم لله شيئا يبقى بعد وفاته، فقرر أن يعطي للجامعة البيوت الأربعة التي تحتويها حديقته في أطراف جدة، وكانت مساحة البيوت كلها وملحقاتها 460 ألف متر مربع، ومساحة كل بيت 40 ألف متر مربع.

اشتراط التسمية

ويضيف أحمد: قررنا أن نعطيهم بيتين بملحقاتهما بمساحة تبلغ 250 ألف متر مربع، وعندما أتت الهيئة التأسيسية للجامعة، قال لهم والدي لديكم أحمد ينجز معكم الموضوع، وكان معهم كاتب العدل، وعندما انتهينا دخلنا إلى الوالد، فقال لهم هل أعطاكم أحمد كل ما تريدون فأجابوا بالنفي، وقالوا طلبنا 500 ألف متر مربع ولم يعطنا إلا 250 ألف متر مربع، فنظر إلي بغضب، فقال أعطهم الـ500 ألف وفوقها 250 ألفا، فأصبح مجموع ما منح 750 ألف متر مربع".

ويؤكد السليمان أن والده اشترط على الهيئة التأسيسية تحويل اسم الجامعة لتكون جامعة الملك عبد العزيز الأهلية بدلاً من جامعة جدة.


تطور الفكرة

ولم تتطور الفكرة إلى أن تكون واقعًا حتى عام 1384هـ/1964م حينما كتب رئيس تحرير جريدة المدينة محمد علي حافظ في مقاله "صباح الخير" يدعو إلى إنشاء جامعة أهلية في جدة أسوة بجامعة الرياض، وتبرع رجل الأعمال الشيخ محمد أبو بكر باخشب بمليون ريال كدفعة أولى لمشروع الجامعة.

ولما علم الشيخ السليمان بعدم قدرة المبالغ المتحصلة من التبرعات السابقة على تحويل مشروع إنشاء الجامعة إلى واقع ملموس أرسل إلى أعضاء اللجنة التأسيسية يدعوهم إلى لقائه في منزله واستقبل في منزله ممثلين عن الهيئة التأسيسية للجامعة وسلمهم وثيقة موقعة ضمنها تبرعه لمشروع الجامعة بقطعة أرض مساحتها 750 ألف متر مربع على طريق مكة المكرمة وبالأرض أربعة بيوت قدرت قيمة الأملاك آنذاك بمبلغ ستة ملايين ريال.

ونصت الرسالة التي سلمها الشيخ السليمان لأعضاء الهيئة التأسيسية في زيارتهم تلك إلى قوله: "لما كانت أفضال هذا المليك (يقصد الملك عبدالعزيز) عليّ وعلى أبناء هذه المملكة لا يمكن حصرها فإنني إيمانًا مني بجدوى هذا المشروع العلمي الكبير وتأثيره الفكري والاجتماعي الخيّر في مستقبل هذه البلاد والنهوض بها في مختلف مناحيها العلمية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية، يسعدني كل السعادة أن أعلن إليكم كمؤسسين لمشروع هذه الجامعة العزيزة على نفسي ونفوس بقية المواطنين بتبرعي للجامعة بقصوري الأربعة والفيلا والأراضي المقامة عليها بجميع ما اشتملت عليه من أسوار محيطة بها ومنافع".