ربما كان موعد 25 مايو اليوم الذي تم فيه التصويت على تعيين الجنرال ميشال سليمان رئيسا للبنان عام 2008، مناسبة مقصودة لما تعنيه بالنسبة إلى حزب الله. ففي مثل هذا اليوم من عام 2000 اكتمل الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وبدلا من أن يتحول هذا اليوم ليوم وطني بامتياز، حوله حزب الله إلى مناسبة فئوية كرسها في ممارساته اللاحقة. بهذا المعنى اختار حزب الله 25 مايو لتنصيب سليمان، وكأنه يسعى لربط الموعد الدستوري الأساسي في الدولة بروزنامته الخاصة التي تتضمن سلسلة من المواعيد الحزبية، تمتد من يوم "الشهيد" إلى يوم الجرحى، مرورا بالأيام التي تدخل في صلب البرنامج التحريضي الإيراني.

أمس مرت سنة ثانية على الفراغ في منصب الرئاسة دون أي بصيص نور يوحي باحتمال انتخاب رئيس للدولة، وشعر كثيرون أن العطلة الرسمية في مناسبة يوم "المقاومة والتحرير"، غير ذات معنى في غياب الدولة ممثلة برئيسها، ولم تكن الاحتفالية الإعلامية التي ينظمها حزب الله قادرة على تغطية دور الحزب في جعل "التحرير" مدخلا لتكبيل الحياة السياسية، ومصادرة الدولة ومنع المؤسسات من ممارسة أدوارها، وليس في الأفق ما يشير إلى احتمال إحداث خرق في الوضع القائم.


هيمنة إيرانية


بعد عامين كاملين على قطع رأس الدولة، تبدو المحاولات في هذا الاتجاه خجولة وعاجزة، لأنها لا تواجه المشكلة الأصلية، وهي رفض حزب الله، مختبئا وراء مرشحه الوحيد الجنرال ميشال عون، الحضور إلى مجلس النواب إلا إذا تم تنصيب عون رئيسا وهذا موقف يتناقض مع ما ينص عليه الدستور والأعراف والتقاليد، ومع التجارب السياسية البرلمانية اللبنانية التي تعود إلى عشرات السنين، إلا أنه ينسجم حسب العديد من المراقبين مع التزامات حزب الله تجاه النظام الإيراني الذي ينظر إلى لبنان كجزء من ساحة معركة الهيمنة عبر الشرذمة الطائفية والمذهبية، ويربط مصيره ومستقبله بمصير معركة طهران في سورية والعراق، تحت عنوان "الأسد خط أحمر" ولحماية الهيمنة الطائفية في العراق. وانطلاقا من هذه الالتزامات، يكرر حزب الله جملة وحيدة أمام الذين يطالبونه بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، مكتفيا بالقول: إذا كنتم تريدون رئيسا اذهبوا وصوتوا لميشال عون، وإلا لا رئيس. وإزاء جواب هكذا تزداد شكوك السياسيين اللبنانيين فيما إذا كان الحزب المذكور يريد فعلا انتخاب عون نفسه رئيسا.





محاولات دولية


خلال الأيام القليلة الماضية طرحت أفكار للتسوية من جهتين عربية ودولية ومن جهة داخلية، لم تحدث أي تغيير في صورة الواقع القائم، فقد تحركت فرنسا منذ مدة عبر رئيسها فرانسوا هولاند وطرحت الموضوع مع إيران ولم تلق تسهيلا. ثم تحدثت باريس عن عقد مؤتمر خاص بلبنان وسيزور وزير خارجيتها لبنان خلال هذا الأسبوع إلا أن حديثها عن المؤتمر الخاص تراجع فجأة إلى حديث عن مجرد "مشاورات" في إطار الدول الداعمة للبنان التي أطلقت سلسلة اجتماعات منذ 2013 لمساعدة هذا البلد قبل أن تقع مشكلة الرئاسة.

أما المملكة العربية السعودية فلم تتوقف عن دعوة اللبنانيين إلى الاتفاق وانتخاب رئيس لبلادهم، والعمل لحمايتها من ارتدادات الأوضاع المتوترة في المنطقة، وفي حفل العشاء الذي أقامه سفير خادم الحرمين الشريفين في بيروت وضم العديد من القيادات اللبنانية، حض السفير علي عسيري على انتخاب رئيس للدولة، وأبدى أمله أن يتم ذلك مع حلول عيد الفطر. وأثار كلام عسيري آمالا بإمكانية حدوث انفراجة.


استمرار الفراغ


كذلك طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال اجتماع هيئة الحوار الوطني الأخير، احتمال إجراء انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصا أن ولاية مجلس النواب تنتهي بعد عام. ورأى كثيرون أن مجرد طرح هكذا يعني أن العراقيل لا تزال قائمة، خصوصا أن ما يقترحه بري يشترط تعهدا مسبقا من الكتل بانتخاب رئيس للدولة فور انتهاء الانتخابات النيابية، واعتبرت قيادات لبنانية أنه لا يمكن الركون إلى تعهدات جرى الإخلال بها دائما، وأعطت مثالا على ذلك تنكر حزب الله لإعلان بعبدا، بعد إقراره بأيام قليلة.

الملفت أن الحزب المذكور الذي ينشغل بتعداد قتلاه في سورية لم يعط أهمية لكل هذه الأفكار والمبادرات، وكأنها لم تحصل وهو في المقابل يواصل تعطيل انتخاب الرئيس ويكرر المعزوفة التي تخدم خطة شل الدولة: انتخبوا عون، وإلا لا رئيس.


أخطاء الحزب المذهبي

1-ربط لبنان بمشكلات إيران


2-تعطيل الانتخابات الرئاسية


3- اشتراط انتخاب ميشال عون

4-التورط في الحرب السورية

5-التراجع عن إعلان بعبدا

6-اختلاق المشكلات والأزمات