هل يمكن اعتبار ما يرتكب في بعض إدارات التربية والتعليم من مخالفات صريحة للنظام وتجاوزات مالية مؤشرات قوية على غياب الرقابة من قبل الجهاز المركزي في وزارة التربية والتعليم. أم أنها نواتج لغياب تطبيق المعايير عند اختيار القيادات التربوية لتأتي على حساب تربية الأجيال والتي لا تستقيم إلا بتنصيب القدوات خلقا ونزاهة وصدقا وأمانة؟ وإلا بماذا نفسر جرأة مدير تربية وتعليم وارتكابه لأخطاء بدائية يكتشفها أصغر موظف حين طلب انتدابا لنفسه ثم وافق عليه ووثق المهمة وأمر بالصرف في نفس اليوم "يمكن يسمع بعصر السرعة"! في حادثة مدير التعليم بالتأكيد غابت الرقابة، لأن الخطأ تم اكتشافه بالصدفة وما خفي أعظم! وغاب التطبيق السليم للمعايير في من نصب في مركز تربوي هام لم يكن في مستوى المسؤولية التي ألقيت على عاتقه!
إذا استشرى الفساد في الميدان التربوي وبمعاقله التي شيدت لتربية الأجيال وإعدادهم كمواطنين صالحين وتنشئتهم على القيم؛ فقل على الدنيا السلام، وعلى الأجيال ألف مليون سلام. وإذا كانت صورة قيادات التربية في المناطق قد اهتزت لتبدو سوداء داكنة؛ فكيف يقتدي بهم المشرف ومدير المدرسة والمعلم والطالب؟
تكشف حادثة مدير التعليم جزءا من الصورة غير المرئية للسباق المحموم بين مسؤولي التربية للحصول على أكبر عائد من الانتدابات الداخلية والخارجية وخارج الدوام، ولم تعد مهام التربية والتعليم ومشكلاتها التي لا تحصى تحظى بالأولوية في "خططهم!".
يحدث هذا الإرهاق لميزانية الوزارة في وقت تعاني فيه المدرسة الكثير، وهي المؤسسة التي تجري على أرضها عمليات التربية والتعليم. تفتقد معظم مدارسنا لأبسط المقومات التربوية.. مدارس مستأجرة، وأخرى تعاني سوء التكييف، أو عدم وجود مختبرات ومكتبات، ناهيك عن شح مصادر المدرسة التي تجد أسرتها التربوية نفسها في موقف حرج مع المجتمع. لاتستطيع تقديم المناشط وإن هي أرادت فليس أمامها إلا مد يدها متسولة أولياء الأمور. البيئات الفقيرة والطاردة للمدارس الحكومية أجبرت من يبحثون عن بيئات أرقى للاتجاه للمدارس الأهلية متحملين الأعباء المالية الإضافية، وتاركين المدارس الحكومية لأبناء الفقراء والمعدمين.
بين ركام التجاوزات وإهدار الميزانيات في الكماليات، والحاجة للبحث عن مصادر لترقية بيئة المدرسة؛ نتساءل عن الرقابة والمعايير الواضحة لاختيار الأمناء المخلصين؟