5 ساعات قضتها "الوطن" خلف قضبان سجون الباحة متنقلة بين عنابر السجناء والسجينات وسط حراسات مشددة، سبقها تفتيش ذاتي ومصادرة أجهزة الجوال كاحتياط أمني، وبدأت الجولة الاستكشافية التاسعة صباحا باجتماع موسع مع مدير عام سجون منطقة الباحة اللواء عشق الشيباني واختتم بزيارة السجن النسائي حيث خرجنا الساعة الثانية ظهرا حاملين أجهزة جوالاتنا.

الدخول إلى العنابر ولقاء السجناء استقطع وقتا طويلا وجهدا، وتركزت مطالب السجناء بإكمال الخدمات داخل السجن من الأجهزة الحكومية ومنها المحاكم بالدرجة الأولى والأحوال وكتابة العدل، إضافة إلى إنهاء وإنشاء بعض من الخدمات ومنها: "الملعب والمعاهد وصالات الترفية، والنظر في إجراءات المحاكمة حيث أننا ننتظر سنوات دون البت في تلك القضايا.


نقل بحيادية

أكد اللواء عشق الشيباني خلال الاجتماع أنهم يعملون ليلا نهارا لراحة السجناء، وقال "ليس لدينا شي نخفيه ونحن نعمل ليل نهار على راحة السجناء"، ووجه خطابة لفريق الصحيفة "ومهمتكم أن تنقلوا كل ما ترونه بحيادية للرأي العام فليس من رأى كمن سمع، ونحن مع الإعلام لإظهار الحقيقة".

وأضاف "نحن نتعامل مع شريحة غالية زلت بها الأقدام، وهم أمانة والعمل في السجون يتطلب الصبر والجهد والمثابرة"، وتابع "لولا السجون بعد الله لما ارتدع أكثر الناس فهي حفظ لحقوق الآخرين، والكل يعرف الصورة النمطية للسجون على أنها غرف مظلمة لا يتسرب لها النور باردة شتاء حارة صيفا والسجان مفتول الشوارب بلا رحمة أو شفقة ولكن العكس تماما أصبحت السجون أشبة بالفنادق تقدم بها كل الخدمات وهدفها الإصلاح وتحويل السجين إلى عنصر فعال بعد خروجه".


معهد متعثر

رصدت "الوطن" في بداية الجولة تعثر مشروع المعهد الصناعي داخل السجون وعدم اكتماله حتى يتم تدريب السجناء على المهن المختلفة، وبين الشيباني انه يجرى إنشاء مبنى آخر للمحاضرات وملاعب للسجناء وقاعات ترفهية وجسر أمني يربط العنابر بالخدمات الأخرى"، وقال: "هناك مشاريع يجرى تنفيذها بنحو مليوني ريال ومنه عقد تشغيل وصيانة إدارة السجون والسجون الفرعية بالمنطقة وعقد تشغيل وصيانة السجن العام والمباني الجديدة وهناك مشاريع قائمة، ومنها استكمال الإضافات والتحسينات بشعبة السجن العام بنحو 27 مليون ريال وهناك مشاريع مستقبلية ومنها إنشاء غرفة المراقبة والتحكم المركزية بسجون المنطقة.





مواصلة التعليم

يعكف الكثير من السجناء على الدراسة، ويؤكد مدير عام سجون الباحة أن هناك سجناء حصلوا على شهاداتهم الجامعية وهم خلف القضبان، وقال "حاليا يوجد لدينا 3 خريجين من الجامعة، ولدينا 22 طالب جامعي"، وتابع "ولدينا 65 سجين في التعليم العام، كما أن هناك الكثير من السجناء يأتون للسجن وهم غير متعلمين فنقوم بتسجيلهم في المراحل التي تناسبهم ونهتم بهم حتى يتخروجون"، ومضى يقول "قبل أسبوعين كان لدينا احتفال بمناسبة حفظ بعض السجناء للقرآن والبعض تخرج من الجامعة والبعض من التعليم العام، ومن المواقف الطريفة أيضا والد احد السجناء قام بإهدائنا درع كون ابنه تخرج من الجامعة، وأيضا حفظ القرآن".

ووقف وفد "الوطن" :على مقر مدرسة الفاروق المتوسطة والثانوية داخل شعبة السجن وهي مدرسة معتمدة يدرس بها نحو 65 سجين، بالإضافة إلى وجود حلقات القرآن بها نحو 80 سجين، ومعامل الحاسب الآلي التي جهزت بأحداث التجهيزات".


غرف الخلوة

جهزت سجون الباحة مبنى يطلق عليه "اليوم العائلي" عبارة عن شقق وغرف لذوي السجناء عند الزيارة وقضاء يوم كامل، حيث يوجد في كل شقة ثلاث غرف مجهزة بأحدث الأثاث والألعاب بمطابخ متكاملة.  مطبخ السجن متكامل يجهز فيه أنواع المأكولات، وهناك تجهيز مأكولات خاصة تقدم للمصابين بالأمراض المزمنة مثل السكر والضغط، تعد تحت إشراف ومراقبة الجهات بالسجون. مدير عام سجون منطقة الباحة بين أنه تم عمل ملتقى التغذية للسجناء بحضور المختصين من الصحة والجهات ذات العلاقة ويخضع المطبخ المتكامل للإشراف اليومي والمباشر من العاملين بالسجن مع تنوع الأكل والشرب لهم، وفي حالة رصد أي ملاحظة يوقف المستخلص للشركة وتغرم أيضا.


خدمات صحية

طالب السجناء بافتتاح عيادة للأذن والأنف والحنجرة، في الوقت الذي يقدم المركز الصحي بالسجن خدمات صحية متكاملة ولكل سجين ملف يتم أرشفته وربطه إلكترونيا بمستشفى قوى الأمن، وهناك تكامل لكافة العيادات ومنها عيادة الأسنان والمختبر والأشعة والحجز الصحي ويعمل بها طاقم طبي لخدمة السجناء حيث بلغ عدد المراجعين بها نحو 15 ألف مراجع خلال العام الماضي، وهناك ما بين 15 - 30 مراجع بشكل يومي للعيادات، ويتم تحويل مابين 10 - 20 سجين لمستشفيات المنطقة، كما أن هناك حجز صحي للمصابين بالايدز وبلغ عددهم ثلاث حالات، و26 آخرين مصابين بالالتهاب الكبدي و الوبائي خلال العام الماضي، بالإضافة إلى وجود عيادة للتدخين حديثة أقلع بها 9 مدخنين.


القراءة لشغل الفراغ

تنتشر الكتب بشكل لافت في عنابر السجن، وتوجد عدة مكتبات متنوعة الكتب يشغل السجناء فراغهم بما يعود عليهم بالنفع حيث يقومون هم بأنفسهم بإداراتها والعمل عليها حيث تحوي تلك المكتبات على نحو 10 آلاف عنوان.


7 مسجونات

وعلى بعد أمتار من مبنى سجن الرجال يقبع سجن آخر يضم عنابر النساء، لا تقل الخدمات التي تقدم لهن عن السجناء في المبنى المجاور، لكن مساحته أقل حيث يستوعب السجن نحو 30 سجينه، إلا أن عدد الموقوفات فيه 7 فقط كلهن أجنبيات، تتراوح أعمارهن بين 20 – 40 تتنوع قضاياهن بين التزوير والأخلاقية، كما يوجد بالسجن منازل عائلية للزيارات.


رصد الملاحظات

قال مدير شعبة سجون الباحة العقيد عبدالرحمن الشهري إن هناك جهات رقابية تزور السجن بشكل دوري لمتابعة الخدمات وملفات السجناء ورصد مطالبهم ومتابعة الخدمات التي تقدم لهم حيث رصدت حقوق الإنسان عدة ملاحظات ومنها تأخير الإجراءات بالمحاكم.


عوائق

بين الشيباني إنه لا يوجد عوائق، وقال "هناك تأخير روتيني في انجاز معاملات السجناء من خلال الإجراءات الشرعية بالمحاكم، إضافة إلى عدم وجود حضانات للعاملات في السجن حتى يعيش صغار المسجونات طفولتهن".


تواصل

رصدت "الوطن" وجود مقرات للإدارات الحكومية بالسجون ومنها الأحوال المدنية، ومكتب لكتابة العدل والأدلة الجنائية، والمحاكم، وضاف العقيد الشهري "إننا ننتظر دعم تلك المكاتب بالموظفين من الجهات ذات العلاقة واكتمال الخدمات بها حتى تتم إنهاء إجراءات السجناء بكل يسر وسهولة، فيما قال اللواء الشيباني "إنه يوجد مندوبين من المحاكم حيث يتم التنسيق عن طريق مندوب المحاكم وإنهاء جميع الإجراءات الحكومية والارتباط مع الشيخ مباشرة عن طريق دائرة تلفزيونية.