إن بلورة سياسة وطنية سليمة تتطلب العثور على المفاهيم الشاملة الصحيحة، والحصول على الأفكار الصحيحة مهمة للغاية، خاصة إذا ظهرت تطورات كبيرة أوضحت عدم صواب المفاهيم التي قامت عليها السياسات والإستراتيجيات السابقة، ويصدق ذلك على فترة ما بعد "الربيع العربي".

لتوضيح هذه النقطة، لقد لاحظت في كثير من الأحيان أن الزيادة التي تمثل أهمية كبرى في العراق لم تكن زيادة القوات، بل كانت موجة من الأفكار، التي أدت إلى الإستراتيجية التي خفضت في نهاية المطاف العنف في البلاد إلى حد كبير.

وتتضمن أكبر هذه الأفكار التي يمكن أن تقودنا للانتصار على داعش، الاعتراف بما يلي:

1 - المناطق الواسعة التي لا تتحكم الدول في السيطرة عليها، الممتدة من غرب إفريقيا وعبر الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى، سيتم استغلالها من قبل تنظيم داعش الذي يسعى لإقامة ملاذات "يفرض فيها رؤيته للإسلام" وينفذ -انطلاقا منها- هجمات "إرهابية".

2 - بات من الواضح أن هجمات تنظيم داعش وآثارها لن تقتصر على المناطق التي يُوجد فيها التنظيم، بل ستفرز أيضاً عدم الاستقرار و"التطرف" والعنف واللاجئين في مناطق بعيدة، وتشكل تحديات متزايدة لشركاء أميركا في المنطقة وحلفائها الأوروبيين وحتى لأميركا نفسها.

3 - إنه في الرد على هذه التحديات، فإن قيادة أميركا للدول الأخرى أمر حتمي، وإذا لم تقم أميركا بهذا الدور فليس من المحتمل أن تقوم به أي دولة أخرى، فأي مجموعة أخرى من الدول ليس لديها ما يقترب من القدرات التي تتمتع بها أميركا، وأن ذلك لا يعني أنه يجب على أميركا بذل مجهودات كبيرة لاحتواء "الإرهاب" في كل حادثة، بل على العكس، فإن أميركا عليها أن تقوم بما هو ضروري جداً ومع أكبر عدد ممكن من الشركاء.

4 - النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة وشركاؤها من الحلفاء يجب أن يكون شاملاً ولا يقتصر فقط على مكافحة "الإرهاب"، بل يمتد ليشمل استدامة النتائج التي يتم تحقيقها في الحرب ضد "الإرهاب".

5 - الحفاظ على الإنجازات التي تتحقق يتطلب وقتاً طويلاً، فخفض مستويات القدرات المكرسة لهذه الاستدامة يجب أن يتناسب مع الظروف على الأرض، بدلاً من الجداول الزمنية الجامدة.

الآن، وبعد مرور 9 سنوات صعبة، يبدو أن 5 أفكار كبيرة تبلورت خلال العقد الماضي للانتصار في الحرب الطويلة ضد تنظيم داعش.