يجد المسؤولون في الاتحاد الأوروبي أنفسهم الآن منشغلين بإطفاء النار التي أشعلها استفتاء بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو المقبل، ونتيجة هذا الاستفتاء ليست مؤكدة بحال، فمؤشر التعقب المركَّب لاستطلاعات الرأي التي أجرتها وكالة "بلومبيرج" البريطانية، يشير إلى أن الأصوات التي تفضل بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بلغت 39 %، بينما الذين يريدون ترك التكتل تبلغ نسبهم 38 %، والذين لم يحسموا أمرهم تبلغ نسبهم 23 %.
وبينما ينهمك رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في معركة داخلية، بسبب ظهور وثائق بنما، فمن المرجح أن تتعرض شعبية الحكومة لأزمة، ومن شأن هذا أن يدعم الحملة المناهضة للاتحاد الأوروبي، وميل نتيجة الاستفتاء ناحية أحد الجانبين لن يحتاج إلى أصوات كثيرة من الأشخاص الذين لم يحسموا أمرهم، وعمليات المسح الاعتيادية بشأن الميول نحو الاتحاد الأوروبي التي تجريها المفوضية الأوروبية، والتي تعرف باسم "يوروباروميتر"، تظهر تحولا نحو الأسوأ، وأظهرت أحدث عمليات استطلاع الرأي تصاعدا في الاستياء.
وجاء في المسح، أن نسب الأوروبيين الذين يرون الاتحاد الأوروبي بصورة سلبية ارتفعت إلى 23 %، وقبل ذلك كانت هذه النسبة تتقلص باستمرار في أربع عمليات مسح سابقة، والمخاوف المتجددة عن المشروع الأوروبي بدأت تتجلى في سوق السندات، وارتفعت علاوة المخاطر في إيطاليا إلى 1.3 نقطة الأسبوع الماضي صعودا من الانخفاض في شهر ديسمبر الذي بلغ 0.9 نقطة، بينما بلغت هذه النسبة في إسبانيا 1.4 نقطة صعودا من 1.2 نقطة قبل شهر.
ورغم أن الرفض الهولندي الأسبوع الماضي لمعاهدة بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، اعتمد على مشاركة ضعيفة للغاية بشأن سياسة محددة للغاية، لكنه يشير إلى عدم الارتياح المتفشي في الاتحاد الأوروبي، وتوصل بريطانيا إلى قرار بمغادرة التكتل قد يدفع دولا أخرى إلى إجراء اقتراع على عضويتها، فقد وعدت رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، مارين لوبان، بإجراء استفتاء كجزء من إستراتيجية حملتها لخوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017، لكن التوقيت قد يصبح كارثيا.
ويرى صندوق النقد الدولي أن اليونان لا تستطيع الخروج من المأزق دون تخفيف عبء الديون، وقد لا يستطيع الصندوق التوصل إلى تسوية خلافاته مع ألمانيا التي ترى أن مزيدا من تخفيف الديون لا صلة له بالحل، وقد ينظر الاتحاد الأوروبي إلى نفسه فيجد أنه يحاول تقديم المال إلى أضعف الأعضاء، في وقت قد ينسحب فيه أهم المشاركين في أوروبا، إذا جاءت نتيجة الاستفتاء البريطاني ضد البقاء في التكتل، وقد يجد زعماء أوروبا أنفسهم في هذا الصيف يحاولون منع قلاعهم الرملية من الانهيار، بدلا من الذهاب إلى الشواطئ.