التوجه إلى تخصيص القطاعات يضع على رأس أولوياته الارتقاء بالخدمات وتحسين مستواها وجودة المنتج، لأن الإدارة بمنهجية القطاع الخاص تضع في مقدمة اهتمامها الاستثمار الأمثل للموارد وتسخيرها لتعظيم العائد، سواء كان هذا العائد ماديا أو معنويا مترجما في صورة خدمات أو منتجات.
هذه قواعد اقتصادية أساسية، تؤكدها كثير من التجارب دوليا ومحليا، ومن التجارب الناجحة محليا المؤكدة على هذا النهج، تجربة قطاع الاتصالات والقفزات النوعية التي تحققت في مستوى الخدمات المقدمة للعملاء، وعلى المستوى الأوسع عالميا هناك قطاعات كثيرة، من بينها قطاع النقل الجوي والتأمين، وحتى قطاع التعليم في بعض الدول.
لذلك، يبيت من المنطقي التفكير أو الحديث أو التساؤل عن جدوى تخصيص قطاعي الصحة والتعليم في المملكة، مع التأكيد على مجانية التعليم والخدمات الصحية للمواطن، وهما أكثر القطاعات أهمية بالنسبة للفرد والمجتمع.
فإلى أي مدى يمكن لتخصيص هذا القطاع تحت إشراف الدولة، أن يحسن من مستوى التعليم والتدريب ومخرجاته؟ وذلك خلال إنشاء شركات ومؤسسات مساهمة مؤهلة وقادرة ومقتدرة على أداء المهمات التي أنشئت من أجلها، ويكون للدولة دور الإشراف والمتابعة لضمان سير الأداء وفق سياسات ورؤى تعلمية تربوية واضحة، وتنظم العلاقة بين الأطراف المستفيدة، مثلما هو معمول به في هيئة الاتصالات، وكذلك مؤسسة النقد العربي السعودي التي تعد المشرّع والمنظم في تعاملات البنوك والمؤسسات المصرفية.
في اعتقادي، أن خطوة كهذه ستقدم لنا تجربة جيدة يمكن البدء بها في المناطق والمدن الكبيرة، ثم يتم تعميمها تدريجيا بعد إخضاعها للتقييم الدوري المستمر من وزارة التعليم، والاستعانة بجهات دولية متخصصة، للاستفادة من خبراتهم.