يتكامل نموذج الحلم العربي لبناء الشخصية العربية الجديدة بشكل متسارع في الوقت الراهن، على يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خارج النمطية السياسية التقليدية التي اعتادها وألفها المواطن العربي، فالقرارات تحتاج التطبيق، والتطبيق يلزمه الحزم والإقدام، وهذا ما يظهر في كل تحركات خادم الحرمين الشريفين وحكومته.

فالقيادات التي تدرك حجم التحديات الإقليمية والعالمية، لا تتأخر في اتخاذ القرارات الحاسمة، للحفاظ على مكتسباتها على الأرض، وتاريخها في الذاكرة، بل تسعى أكثر إلى ما يضمن لها استمرارية قوة تلك القرارات وتطبيقها واقعا يكرس حتمية التغيير النوعي الذي انتظرناه طويلا، وإعادة الأمور إلى نصابها، كلما حاول بعض الانتهازيين استغلال الظروف لمصلحتهم على حساب أمة عربية طالما عانت الرتابة والتسويف.

والواقع العربي المؤلم حاليا لن تعالجه أية مساع لا تحمل مفهوم القوة والعزيمة، تلك التي وصفها الفيلسوف الألماني نيتشه يوما بالفضيلة حين قال: "القوة فضيلة"، وقد أصاب في قوله.

وحين تأتي القوة العربية الآن لتنقل العلاقات السعودية المصرية، من مرحلة الشراكة والتعاون إلى مرحلة التكامل الإستراتيجي، وهما الدولتان الأكثر تأثيرا في مسيرة الأوضاع العربية برمتها، فإن ذلك يعني تشكيلا ثنائيا تاريخيا تحت مفهوم جديد يعيد صياغة مشهد الصورة العربية، ويمكننا من رؤية معالم طريق مستقبل الأمة العربية وأجيالها القادمة.

قوة السعودية الاقتصادية والسياسية، تتكامل مع قوة مصر العسكرية والسياسية، والمستودع البشري العربي الضخم في عقد المنظومة العربية، فقد قادتنا مصر تاريخيا إلى كل المختلف ثقافيا وتعليميا وفنيا وعسكريا وحربيا، مصر التي صنعت جزءا مهما من ذائقتنا ورؤيتنا للحياة والتعليم والثقافة، وأسهمت في تكوين أجزاء كبيرة من شخصياتنا ووجداننا عبر الزمن، ومن الطبيعي ألا يكون هناك تكامل للعرب من دونها وشعبها العظيم، وأمة هذه مكانتها ووزنها لن تكون يوما ما خارج حسابات العالم وخططه الإستراتيجية.

وحينما شاهدت، الصورة الوداعية لخادم الحرمين في مطار القاهرة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، شعرت بالطمأنينة على مستقبل الأبناء بنسبة كبيرة، وتأكد لي حجم إصرارهما على المضي قدما في رسم مستقبل الإنسان العربي وتاريخه القادم، بقبضة حازمة وصارمة وأكيدة، تعني كثيرا للمستقبل ورهاناته.

لقد كانت صورة قوية، رأيت خلالها عدد الجسور الضخمة لمنظومة العلاقات العربية القادمة، وخطوط خارطتها الأولى، والطريقة الجديدة لكتابة تاريخ الأمة العربية، التي لن تذهب عن ذاكرة وتاريخ الإنسان العربي، وكأني بالرئيس المصري يقول: لقد نجحنا.

ويبدو أن الدرس السعودي المصري السياسي الأول قد أعلن عن نفسه، في طريقة كسر قيود معاهدة "كامب ديفيد" التي تخنق الاستفادة من تلك المنطقة الإستراتيجية بين السعودية ومصر في خليج العقبة، تأكيدا على توقيع البلدين لجملة من التكاملات السياسية والاقتصادية، وتمثل أهمها في إعلان سعودية الجزيرتين "تيران وصنافير"، فدون ذلك ستظل كل أفكار بناء الجسور الاقتصادية والإستراتيجية تحت سيطرة معاهدة "كامب ديفيد".

إذن، نحن أمام مدرسة القوة العربية الحديثة التي تدرس وتعلن وتنفذ دون تردد، وهي المدرسة التي افتقدها النموذج السياسي العربي طويلا.