بين فترة وأخرى، نسمع أو نقرأ عبارات مثل: بيان وجهاء العائلة الفلانية، أو بيان شيوخ القبيلة الفلانية، وأحيانا كثيرة نقرأ في صحفنا صفحات كاملة تبارك لهذا المسؤول الجديد بتعيينه، أو لذلك السفير بهذا المنصب الجديد، وكلها تحت اسم وختم العائلة أو القبيلة! حتى لو كان هناك كثير من أفراد العائلة أو القبيلة لا يعرفون هذا المسؤول أو ربما يرونه ليس أهلا لهذا المنصب!
طبعا، الوجاهة والمشيخة متأصلة تاريخيا في مجتمعنا، وكانت لها ظروف معينة جعلت من هذا الشخص مميزا ويحظى بقبول الجميع، كشجاعته وكرمه وفروسيته وحكمته، واعتبارات كثيرة منطقية وواقعية في ذلك الوقت.
والسؤال: هل نستطيع أن نطلق على مثل هذه العلاقة عقدا اجتماعيا؟ وإذا سلمنا بأنها فعلا عقد اجتماعي، فهل هذا العقد الاجتماعي متوافق مع واقع الدولة الحديثة؟ وهل هو مُلزم للأجيال الجديدة؟ خصوصا أن مثل هذه الروابط تكونت قبل تأسيس الدولة.
الفكرة كلها قائمة على التطابق والتوافق في الرؤى والأفعال والأقوال لرابطة اجتماعية عريضة.
سابقا، كانت ضرورة للبقاء رمزا للقوة والتعاضد وحماية لهم من المخاطر التي ربما تحيط بهم، ولكن: هل يحق لهذا الشخص الآن أن يعتبر رأيه يمثل آراء كل أفراد العائلة أو كل أفراد القبيلة؟ أو أن يستغل هذه المكانة الاجتماعية لتقوية علاقاته بأصحاب النفوذ والسلطة لأهداف شخصية بحتة تحت اسم العائلة أو القبيلة؟
ألا يستطيع وجيه العائلة أو شيخ القبيلة أن يكتفي بنشر اسمه فقط إذا أراد أن يبارك بتعيين الوزير أو المسؤول أو السفير في الصحف، دون أن يختم عليه بختم العائلة أو القبيلة؟
وأخيرا، ألا تشعر بنوع من العنصرية والطبقية عندما تسمع خبرا يقول: إن وجهاء وأعيانا من مدينتك أو عائلتك أو قبيلتك أصدروا بيانا أو زاروا مكانا أو هنؤوا فلانا؟
ألا تشعر بينك وبين نفسك بأنك مواطن درجة ثانية؟