جمع منتدى فرص الأعمال السعودي الأميركي الذي عقد في 22 - 23 مارس 2016 كبار القياديين من القطاعين الحكومي والتجاري في كل من الولايات المتحدة والمملكة، حيث أكد الأطراف التزام كل من البلدين وشركاتهما بتطوير العلاقة التجارية بين الدولتين. وقد أبدى الجميع في هذا المنتدى وجهات نظرهم بأن الاستثمار يتبع التجارة. فعند توافر الظروف المناسبة لازدهار التجارة وفي ظل وجود حد أدنى من المعوقات والعقبات وتطبيق الإجراءات الفعالة فإن الاستثمار قادم لا محالة. وعندما تقوم الشركات ببيع منتجاتها بنجاح في السوق فهذا يعني أنها عازمة على البقاء قريبة من عملائها وإثبات حضورها. ولقد شهدت شخصيا في السعودية مثالا رائعا في هذا السياق، إنشاء شركة وادي الظهران للتقنية (DTVC). لقد أجرت هذه الشركات أبحاثا ودراسات في المملكة بهدف الابتكار وتلبية احتياجات عملائها بما يتلاءم مع الظروف المحيطة، ومن خلال إيجاد نظام بيئي يسهل عملية الابتكار، وتقوم شركة وادي الظهران للتقنية بتطوير المواهب وبناء القدرات وتعزيز الابتكار والمنافسة بين الشركات المستثمرة. وتتصف المنافسة العالمية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر بأنها شديدة، وقد تستفيد المملكة من ذلك بتطبيق برامج تطوير الطاقة البشرية المتوافرة لديها بما يلبي متطلبات السعودة، بحيث تعمل على تأهيل هذه الكوادر بالمهارات المطلوبة للوفاء بمتطلبات الشركات العالمية في المملكة. غير أن فرص الاستثمار يمكن أن تصطدم بعوائق بسبب متطلبات التوازن الاقتصادي التي من شأنها الحكم على أحقية الاستثمار الأجنبي بالدخول في المناقصات الحكومية. فهذا الوضع قد ينجم عنه إعراض كثير من الشركات عن دخول أسواق المملكة.
إننا نشيد بالإصلاحات الاقتصادية للمملكة والتزامها بضمان دوام سلامة هذا الاقتصاد، حيث أثبتت المملكة حكمة قيادتها في الإصلاحات الخاصة بدعم أسعار الطاقة. كما ندرك التحديات التي تواجهها عندما أطلقت برنامج التحول الوطني (NTP). إن القطاعين الحكومي والخاص الأميركيين على أهبة الاستعداد لدعم المملكة بالدروس المستفادة والحلول والتكنولوجيا وأفضل الممارسات لجذب الاستثمارات والابتكار.
إننا في صدد العمل على الدمج بين الاحتياجات الجديدة للمملكة وأولوياتها بحلول أميركية رائدة. وعلى سبيل المثال تم في أكتوبر الماضي استضافة وفد تجاري أميركي مؤلف من 15 شركة متخصصة في الخدمات الهندسية والمعمارية والتي تركز على ترشيد الطاقة والمباني الخضراء. وفي أبريل سيزور المملكة ممثلون عن 20 شركة أميركية رائدة في مجال الصحة وتقنية المعلومات وإدارة المستشفيات والتدريب، وذلك كاستجابة مباشرة لطلب وزير الصحة السعودي بإيجاد دور أكثر فاعلية للقطاع الخاص في تطوير الجانب التشغيلي لنظام الرعاية الصحية في المملكة. وغالبا ما تثمر هذه الوفود عن عقد شراكة أو إنشاء مشروع مشترك أو التعاون في مشروع استثماري، حيث إن هذه الشركات تفهم السوق ومتطلباته. إن الولايات المتحدة -وبالنظر إلى بدء المملكة في برنامج التحول الوطني- حريصة على مشاركة خبراتها في تمكين المملكة من القيام بريادة الأعمال. وتعتبر عملية دعم أصحاب المشاريع الناشئة، في الشرق الأوسط وحول العالم بأكمله، من أولويات الرئيس أوباما الذي يدرك أنها الأساس الذي تقوم عليه الطبقة المتوسطة الصاعدة بحثا عن الاستقرار والازدهار.
إن الاستثمار في كلا الاتجاهين سيعمل على تعزيز التنافس الدولي لاقتصاد البلدين. ففي الوقت الذي نتولى فيه جهود توسعة تجارتنا وعلاقاتنا الاستثمارية، فقد استثمرت الشركات الأميركية مبالغ تقدر بـ(11) مليار دولار في المملكة، وبالمقابل استثمرت الشركات السعودية (13) مليار دولار في أميركا. إننا نرحب بمزيد من الاستثمارات الإضافية السعودية في الشركات الأميركية، ونرى أنه من خلال الاستثمار في الولايات المتحدة والعمل وفق احتياجات السوق وإمكان الحصول على أحدث التقنيات، تصبح الشركات السعودية أكثر قدرة على التنافس عالميا. وبهذا الصدد فإننا سنعقد قمتنا السنوية "قمة اختيار الاستثمار في أميركا" بين 19 إلى 21 يونيو من هذا العام في واشنطن، بمشاركة الرئيس أوباما ووزيرة التجارة بيني بريتزكر وعدد من أعضاء الكونجرس، وإننا نرحب بالحضور السعودي القوي في هذا المؤتمر، ونتطلع إلى التعاون مع أصدقائنا في المملكة لتحقيق النجاح لشركاتنا وبلادنا.