يؤسس التوافق الذي حصل بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس لديمقراطية قوية لمعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، التي أشعلت الثورة عام 2011، وأنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يعد تونس حليفًا ديمقراطياً، وتساعده على تخطي التحديات الأمنية والاقتصادية.

حضر أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، الجلسة الختامية للحوار الوطني للتشغيل، حيث علَّق على التطور الديمقراطي في البلد، وقال في مؤتمر صحفي: "التقينا، أنا ورئيس البنك الدولي، مع الرئيس باجي قايد السبسي، وهنأته على التقدم الديمقراطي الذي حققته تونس، وأشدت أيضاً بجهوده لتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وأكدت له أن الأمم المتحدة تقف مع تونس حكومة وشعباً في وقت تمُر فيه البلد بحالة تغيير".

لكن التحول في تونس ليس كاملاً، في البلد الذي يوصف بأنه الناجي الوحيد من بلدان "الربيع العربي"، وعلى المجتمع الدولي أن يدعم التقدم الديمقراطي الرائع الذي حصل في تونس، وأن ينسب هذا التقدم الإيجابي على المستوى السياسي إلى حزب النهضة، وهو أكبر حزب إسلامي في تونس، كما أن على المجتمع الدولي أن يساعد الحكومة التونسية على تحقيق التقدم على مستويات أخرى، وبالذات المستوى الاقتصادي.

إن الثورة في تونس، التي يشار إليها بـ"ثورة الياسمين"، حطمت نظام "الحزب الواحد"، الذي شكل الحياة السياسية فيها منذ الاستقلال عام 1956، بالإضافة إلى أن الثورة أدت إلى عودة ظهور المعارضة المقموعة.

لحسن الحظ، اختار حزب النهضة التعاون مع القوى العلمانية، وشكل حكومة ائتلاف مع حزبين غير إسلاميين "المؤتمر من أجل الجمهور" و"التكتل"، ولكن عندما أصبح في السلطة بدأ الحزب بالتصرف كونه يملك الأغلبية، وخشي التونسيون أن يكون استخدام الحزب للديمقراطية كإستراتيجية طويلة الأمد، لفرض القوانين الإسلامية على الحياة التونسية، وظهر كأن حزب النهضة يتقبل السلفيين التونسيين، إذ سعى إلى إدماجهم في الساحة السياسية، وهي خطوة ضرورية لإقامة حكومة ديمقراطية شاملة.

ولحسن الحظ أيضاً، كانت القيادة الإسلامية التي برزت بعد الثورة مستعدة للعمل مع أحزاب المعارضة لتشجيع عملية سياسية تقوم على الإجماع وحُكم القانون واحترام حقوق الإنسان.

واعترافًا بالدور الذي قامت به رباعية الحوار الوطني التونسي، فقد كافأها المجتمع الدولي بجائزة نوبل للسلام، ومع أن هذا الاعتراف الدولي مشجِّع، إلا أنه بحاجة إلى القيام بالمزيد لمساعدة تونس لأن تواجه التحديات. فعلى الرغم من التقدم السياسي، إلا أن القادة التونسيين بحاجة إلى معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، من خلال عمليات إصلاح اقتصادي كبيرة لمكافحة البطالة المتفشية، خاصة بين الشباب، كما أن هناك حاجة إلى تطبيق إصلاحات اقتصادية لمكافحة التضخم المستشري".