بعد مرور 100 عام، على توقيع معاهدة سايكس بيكو التي وضعت ملامح الحدود السياسية لغالبية دول المنطقة في شهر مايو من عام 1916، يعيد التاريخ نفسه حاليا، وسط توقعات ببروز معاهدة جديدة مماثلة تعيد رسم حدود الشرق الأوسط على أسس عرقية وطائفية، وهو ما يتجلى في تعاظم انتشار تنظيم داعش في الشام، واستغلال أكراد العراق الأحداث الراهنة للانفصال عن باقي البلاد.

ويرى مراقبون أن القوى العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، تسعى إلى تأسيس نظام إقليمي جديد بالمنطقة عبر تقسيم دول عربية محورية على أسس عرقية ودينية وطائفية.

ويضيف المراقبون أن الخريطة الجديدة تفترض في خطوطها العريضة تجاوز التقاليد السياسية والمحرمات السابقة عبر إقامة دولة كردية تُقتطع لها مناطق شمال العراق وجنوب شرق تركيا وأجزاء من سورية وإيران، إضافة إلى تقسيم ما تبقى من العراق إلى دولتين شيعية وسنية.




انتشار الدواعش

شهدت السنوات الأخيرة انتشارا واسعا لتنظيم داعش في بلاد الشام، إذ بسط نفوذه في مناطق بسورية، كما توغل في محافظات سنية عراقية مهمة. وأعلن التنظيم المتطرف خلافته المزعومة في الفضاء الذي سبق أن قسمته معاهدة سايكس-بيكو الأولى قبل 100عام، بيد أن الأستاذ في معهد كوليج دو فرانس هنري لوران أوضح أن داعش "لم يلغ سايكس بيكو بل جسدها".

وكشفت مصادر مطلعة، أن التنظيم أصدر مطلع الشهر الجاري جواز سفر رسميا في الموصل، ليوزعه على 11 ألف شخص داخل المدن والنقاط الحدودية بين العراق وسورية. ويعتقد المحللون السياسيون أن مساعي داعش لتشكيل دولة مستقلة، مدعومة من قبل واشنطن وقوى إقليمية أخرى من أجل مصالح معينة، متوقعين أن تكون وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جندت زعيم الدواعش أبوبكر البغدادي لحسابها إبان سنوات اعتقاله في سجن بوكا في الفترة (2004-2009).




زوال وشيك

توقع الباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، جون الترمان، زوال "سايكس بيكو" الأولى قريبا، منتقدا في الوقت ذاته ما شهده العالم العربي في السنوات الأخيرة من ثورات مندفعة في سورية والعراق ولبيبا واليمن ومناطق أخرى، واصفا ذلك بصريخ الموت الذي طال انتظاره لمرحلة ما بعد الاستعمار في الشرق الأوسط.

وعن المسألة الكردية، أشار الترمان إلى أن العديد من الدول المستحدثة ستواجه مشكلات في تأسيسها، ومنها الصراع الداخلي على النفوذ، مستشهدا بوجود 3 أحزاب على الأقل تتصارع من أجل السلطة العراقية الكردستانية.

وقال إن الحل ليس بدويلات منفصلة صغيرة، بل يكمن في دول أكثر مرونة تستطيع أن تحتضن تنوع الشعب واختلافاتهم، إضافة إلى القوة والخبرة اللازمة.