حديث المجتمع هو حول فتوى هيئة كبار العلماء، بتحريم عمل المرأة في وظيفة محاسبة في الأسواق التجارية، لذا سأطرح عدداً من التساؤلات، من منظور اقتصادي:-
• تركز الفتوى على تحريم الاختلاط، واحتمالية افتتان الرجال، أو النساء ببعضهم البعض، وتقف الفتوى عند ذلك. وهنا أود أن أسأل: الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عطل حد السرقة في سنة الرمادة، وهي سنة مجاعة كبيرة، اضطر فيها البعض لممارسة السرقة لسد رمق أطفالهم، أو بمعنى آخر، عطل حداً من حدود الله، لمصلحة رآها الحاكم، لإنقاذ المجتمع، ومواجهة الظروف المعيشية الصعبة، فكيف أن ذلك التصرف لا يدخل في تفكير المفتين، وهم مطالبون بتسهيل أمور البشر؟
• تحدثت الفتوى عن الحاجة لإيجاد فرص عمل للمرأة، لا تضطرها للاختلاط، وكلنا نعلم أنه باستثناء نظام التعليم، فكل نشاط آخر سيتطلب اختلاطاً ما، وبالتأكيد أن أعداد الخريجات تتجاوز بمراحل احتياجات القطاع التعليمي، فمن أين سنأتي بالوظائف غير المختلطة؟! والغريب أنه، وحتى وقت قريب، كان هناك تفريق في الرأي الشرعي، بين الاختلاط، والخلوة، فكيف أختزل الموضوعان في واحد؟!
• مجموع تحويلات العمالة الأجنبية يتجاوز (60) ألف مليون ريال سنويا، وسأقبل أن ثلثيها هي لعمالة ليس لوضع المرأة دور فيها، ولكن باقي الوظائف بما فيها موضوع العمل كمحاسبة، وغيرها من الوظائف المحتملة المماثلة، وكذلك قيادة المرأة للسيارة، كل تلك القيود مسؤولة، على الأقل، عن خسارة لا تقل عن (20) ألف مليون ريال سنويا (هذه ميزانية إحدى الدول الأفريقية)!!
• تحدثت بعض الأدبيات المؤيدة للفتوى، إن على الحكومة تخصيص بدل بطالة، لحماية المرأة من الاختلاط، وهذا فكر اقتصادي خاطئ، يفترض أننا سنستمر بالتمتع بأسعار، وكميات البترول المصدرة عند المستوى الحالي، في حين أن جميع برامج دعم العاطلين في العالم، تقوم على أساس أن البطالة مؤقتة، وسيجد الباحث، أو الباحثة عن عمل، فرصة عمل. ولكننا كل يوم نصدّر المزيد من الفتاوى المقيدة لعمل المرأة، فمن أين ستأتي الوظائف الجديدة؟!
• تساؤل آخر: ماذا سيحدث في باقي العالم الإسلامي، وأوضاعهم الاقتصادية أسوأ منا، لو تبنيت فتوانا من قبل علمائهم؟!
• أخيراً وهو سؤال هام، من حق بناتنا العاطلات أن يسألنه، وهو: كيف سيقبلن هذه الفتوى، وهن يعرفن أن علماءنا مكرمون من قبل الحكومة، معنوياً، ومادياً؟.