شيء غريب ما يحدث للمواطن إذا كانت لديه معاملة حكومية، والأغرب كيف تجعلك هذه الجهات موظفا لها وأنت لا تعلم. فعندما يطلب منك الموظف أن تذهب بمعاملتك لتوقيعها من المدير، أو تذهب بها قسم الصادر والوارد لتسجيل رقمها، أو تذهب للأرشيف للبحث عن ورقة مفقودة وهم من ضيعها، فكل هذه الإجراءات من مهام الموظف، وليست من مهام المراجع ولكنهم يستغلون حرصك على إنهاء معاملتك بأسرع وقت ليحولوك مراسلا بين إداراتهم. ورغم أنك تقوم بكل مهامهم إلا أن هذا لا يشفع لك أمام الموظف الذي "ما يصدق على الله يحصل شيء ناقص" أنا أتخيل.. سيأتي يوم حتى لو كانت كل أوراقك كاملة سيقول لك الموظف "معليش" شكلك اليوم ما عجبني!! "حلّق وشخّص" وراجعنا يوم الأحد.
وأجمل ما في الموضوع أنهم يعطونك جولة سياحية لتتعرف على كل الجهات الحكومية الأخرى. فلو كانت معاملتك عند البلدية فتأكد أنك سوف تزور الأمانة والإمارة والدفاع المدني والغرفة التجارية، واحتمال كبير أن تراجع بنده وأسواق العثيم!! بالإضافة لكل "البوفيات" القريبة لتصوير الأوراق التي تزيد مع كل مراجعة. ولا أعرف ما سر هذا البخل؟ هل من الصعب أن يكون في كل دائرة مكائن للتصوير؟ أنتم من تحتاجون صورة هذه الورقة لسجلاتكم! إذاً أنتم من يجب عليه تصويرها!
أصبح المواطن يصور بطاقة أحواله ويوزعها في منزله وفي سيارته وفي مكتبه وعلى إخوانه وأصدقائه كأنه يوزع بطاقة دعوة زواج!!
وحتى تُنهي معاملتك بأسرع وقت يجب أن تكون عاطلا عن العمل وتتفرغ يوميا للمراجعات وهذا ما يجعلنا نذهب لكتابة العدل لنوّكل أناسا آخرين يساعدوننا في هذه المهمة الصعبة. ولنفس السبب تجد المراجع قبل أن يذهب لأي جهة حكومية يسأل:
تعرف أحد بالبلدية؟ تعرف أحد بإدارة التعليم؟ تعرف أحد بالإمارة؟ وأحيانا يكون السؤال أكثر يأسا: طيب ما تعرف أحد يعرف أحد بالإمارة؟