في الوقت الذي أكد مدير صحة نجران المكلف إبراهيم بالحارث لـ«الوطن» أن الهيئة الطبية الشرعية بدأت عملها في المنطقة منذ عامين، علمت «الوطن» أن عدد قضايا الأخطاء الطبية التي لم ينظر فيها حتى الآن بلغ 24 قضية، في حين يطل على الوضع الصحي في المنطقة انطباع سلبي من قبل المواطنين.




في الوقت الذي تعددت فيه شكاوى أهالي منطقة نجران من الخدمات الصحية من خلال برقيات أرسلت إلى الإمارة، وكذلك وزارة الصحة فضلا عن تناقل مشاكلهم عبر مواقع التواصل، الأمر الذي دفع أمير المنطقة الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، أثناء لقائه مدير صحة نجران المكلف إبراهيم بالحارث، إلى توجيه تحذير شديد اللهجة إلى الشؤون الصحية في المنطقة، مطالبا إياه بحل مشاكلها، منبها أنه في حال فشلها في ذلك فإن الإمارة ستتدخل في وضع الحلول المناسبة. تأتي كل هذه الأحداث عقب ظهور مشاكل كبيرة على السطح وضعت صحة المنطقة تحت مجهر الرقيب، منها تعدد الأخطاء الطبية، وسوء الخدمات الصحية، والتراشق الإعلامي عبر مواقع التواصل بين منسوبي صحة المنطقة حتى وصل الأمر إلى إقامة قضايا ضد بعض الموظفين الذين غردوا عبر "تويتر" لانتقادهم الأداء في بعض المستشفيات وصدور أحكام في هذه القضايا بالسجن والجلد ونقضتها محكمة الاستئناف بعد ذلك. من جانبه، أوضح مدير صحة نجران المكلف إبراهيم بالحارث لـ"الوطن" أمس أنه صدر قرار وزير الصحة رقم 11/ 154482 وتاريخ 24/ 2/ 1435 الذي يقضي باعتماد تشكيل هيئة صحية شرعية بالمنطقة ومقرها بالمديرية العامة للشؤون الصحية.


 





تذمر الأهالي

انتشرت حالة من التذمر بين أبناء المنطقة من الخدمات الصحية فيما يخص بعض الإجراءات مثل العمليات الجراحية والحالات المستعصية والمزمنة، الأمر الذي دفع كثيرا منهم إلى السفر إلى مناطق أخرى من أجل البحث عن العلاج. يقول المواطن مانع آل عبية: "إن الأخطاء الطبية التي تشهدها بعض مستشفيات المنطقة باتت تشكل هاجسا لدينا ودفعتنا لتكبد الخسائر من أجل العلاج في مستشفيات حكومية وأهلية خارج المنطقة، فضلا عن عناء السفر". ويتفق معه سمران اليامي الذي أكد أن الثقة في صحة المنطقة بالنسبة لديه أصبحت معدومة، في ظل قلة الكوادر المؤهلة، والأخطاء الطبية وقلة المستشفيات المتطورة، فضلا عن نقص بعض الأجهزة والأدوية، مطالبين بضرورة اعتماد مدينة طبية متخصصة في المنطقة أسوة بالمناطق المجاورة.


 


أخطاء أثارت الرأي العام

رصدت "الوطن" في تقريرها عددا من الأخطاء الطبية التي حدثت في داخل مستشفيات وتسببت في إثارة الرأي العام، منها قضية تبديل طفلي نجران السعودي والتركي علي يوسف جوجا ويعقوب بن محمد آل منجم اللذين تم تبديلهما أثناء ولادتهما في زمن متقارب داخل مستشفى الملك خالد، وكذلك قضية ضحية عملية المنظار الطفلة سولاف، وشقيقة المواطن عوض آل فطيح التي تعرضت لعملية استئصال المرارة في مستشفى ثار العام، مما تسبب في إصابتها بمضاعفات خطيرة، وضحية الدم الفاسد سعيدة المحامض التي توفيت في مستشفى الملك خالد بنجران نتيجة نقل دم فاسد إليها، وضحية عملية الولادة بدرية التي توفيت في مستشفى نجران العام بعد إجراء عملية قيصرية لها، وعملية صباح آل صعب التي تسببت في وفاتها وإصابة طفلتها بشلل دماغي، وعملية السمنة لرفعان محمد لسلوم الذي تدهورت حالته بعدها ثم أصيب بفيروس كورونا وتوفي في مجمع الملك عبدالله الطبي بجدة، إضافة إلى قضية الرضيعة أريام التي أخليت من مستشفى شرورة العام إلى نجران وتوفيت في الطريق بسبب نفاد أسطوانة الأوكسجين وعدم وجود عبوة احتياطية في سيارة الإسعاف. وطالب عدد من أهالي هؤلاء المتضررين من وزارة الصحة باتخاذ أقصى العقوبات في حق الفرق الطبية التي أسهمت في إصابة ووفاة ذويهم، وعدم الاكتفاء بأحكام تنص معظمها على الغرامات، كما طالبوا بسرعة الفصل في القضايا التي لا تزال منظورة أمام الهيئة الطبية الشرعية.


 


الأخطاء الطبية في نجران

- ترحيل 57 قضية من عسير إلى نجران

- استقبلت الهيئة بنجران 52 قضية حتى نهاية رجب الماضي

- القضايا الموجودة حاليا: 109

- قضايا صدرت فيها أحكام: 59

- قضايا صرف النظر فيها: 59

- إدانة أطباء وفنيين وتغريمهم في 11 قضية

- مجموع الغرامات في الأخطاء الطبية: 994575

- 24 قضية لم ينظر فيها حتى الآن


 


تأخر الأحكام

طالب الناشط الحقوقي علي آل حطاب بضرورة استقلال اللجان المختصة بالتحقيق في الأخطاء الطبية، حيث لوحظ أن أعضاء هذه اللجان غالبا ما يكونون زملاء مهنة سابقين أو أصدقاء تتقاطع المصالح بينهم كونهم يعملون في نفس المنظومة، وافتقار هذه اللجان إلى القانونيين المختصين.

واتهم آل حطاب بأنه توجد هناك سهولة في التلاعب بملفات المرضى بعد حدوث أي خطأ طبي، وعدم الالتزام بالضوابط التي تحكم مثل تلك الحالات يمثل انتهاكا أخلاقيا ومهنيا ويؤدي إلى ضياع حقوق المرضى، وهو ما يوجب إعادة النظر في الإجراءات المنظمة لهذا الجانب وتشديد القيود التي تكفل حفظ الحقوق.

وأضاف: "من أبرز المشاكل التي تواجه المرضى أو ذويهم اضطرارهم إلى بث شكاواهم لمناصب إدارية عليا، وذلك لأسباب تتعلق ببيروقراطية النظام بداية من ضعف توثيق الخطأ عند حدوثه وحتى استكمال التقارير الطبية والفحوص الإكلينيكية للمريض المتوفى عبر متخصص مستقل". وتابع: "هناك مشكلة لدى الجهات الصحية الرسمية، فهي غالبا لا تعترف بوجود الأخطاء على الرغم من الاعتراف العالمي بوجودها بنسب محددة.. نحن في نجران نعاني غياب الشفافية في الإعلان عن أي خطأ يحدث، ولا بد من تطوير آليات رصد الأخطاء عبر موقع الوزارة، ووضع خطة وطنية للتعامل مع الأخطاء بالتشاور مع مؤسسات الخبرة العالمية وممثلين عن كافة القطاعات الصحية مع أهداف واضحة ومتابعة دورية ومعلنة".