قبل شهرين، حضر وزير المياه والكهرباء إلى أستديو برنامج "الثامنة" على قناة MBC، للحديث عن التسعيرة الجديدة للمياه، وأحضر معه 3 "سيفونات" يشرح خلالها حجم استهلاك أجهزة الطرد للمياه في المنزل.
ثم عاد الوزير قبل نحو 4 أيام وأحضر معه السيفونات ليعرضها مجددا في برنامج "ساعة حوار"، والذي تبثه قناة المجد، لكن السيفونات الثلاثة لم تقنع معظم المشاهدين بأنها السبب في ارتفاع فواتير المياه.
ويبدو أن الوزير نفسه أدرك ذلك قبل نهاية اللقاء، فاستبدلها بثلاث نصائح عامة: تخفيض الزراعة المنزلية أو إلغائها بالكلية، واستبدالها بـ"الإنجيلة" الصناعية، وملاحظة التسريبات، وتركيب أجهزة ترشيد المياه في المنزل.
وقبل يومين، التقى الوزير بعدد من الكُتّاب والإعلاميين في مقر وزارة المياه والكهرباء، لكن معاليه هذه المرة سحب على السيفونات نفسها، واستعاض عنها بمحاولة تخفيف حجم أزمة ارتفاع فواتير المياه، وتأكيده أن نسبة المعترضين على الفواتير لا يشكل سوى 2.8 % من المشتركين، من إجمالي الفواتير البالغة 290 ألف فاتورة، والتي صدرت في فبراير الماضي.
من الخطأ حصر المتضررين من ارتفاع الفواتير بالمعترضين عليها فقط، بينما يتم تجاهل الغالبية ممن استسلموا للأمر الواقع، وقاموا بسداد فواتيرهم خوفا من قطع المياه عنهم، رغم يقينهم أن ما دفعوه هو أكبر من استهلاكهم الفعلي. فصمت البقية لا يعني عدم وقوع الضرر عليهم أيضا.
المسؤولون في وزارة المياه والكهرباء وشركة المياه الوطنية والمشتركون أيضا، كلهم يعلمون أن أصل المشكلة هو في التسعيرة الجديدة للمياه، واستبعاد الوزير إعادة دراستها يعني أن الأزمة ستبقى مستمرة، وأصوات الشكوى ستعلو مع كل موعد فوترة جديد. فارتفاع التعرفة بهذا الشكل يتجاوز هدف ترشيد الاستهلاك إلى اعتبارها عائدا ماديا.
ما يحيرني، أنه في ديسمبر من العام الماضي، أكد وزير المياه والكهرباء أن تعديل تعرفة استهلاك المياه والكهرباء لن يشمل ذوي الدخل المحدود، لكني لم أسمع سوى شكاوى هذه الشريحة. إلا إن كان أصحاب الدخول المرتفعة بادروا دون غيرهم إلى تركيب "سيفونات" بسعة 3 لترات، والتي كان ينصح بها الوزير في لقاءاته؟!