خلال الأيام الماضية، تصدر خبران من نوع مختلف معظم الصحف والمواقع الاجتماعية، متشابهان في الخلل العقائدي بمفاهيم الدين وأصوله، مختلفان في نوعية هذا الخلل، ما بين التشدد والتطرف والإرهاب إلى فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الخالق.

الأول، كان عن إلحاد مبتعثة سعودية وعائلتها!

الثاني، كان عن إحباط الجهات الأمنية عملية إرهابية في محافظة بيشة، والغريب في هذا الخبر ليس إبطال المخطط الإجرامي من الجهات الأمنية، ولكن أعمار منفذي هذا المخطط!

ياسر الحودي أحد المقبوض عليهم من مواليد 1996. أي أنه لم يلحق بحرب تحرير الكويت أوائل تسعينات القرن الماضي، وعندما وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001 كان أكبر همه حينها أفلام الكرتون!

السؤال هنا: بعد مرور عدة سنوات كيف تقلبت أفكاره وأصبح هذا المراهق خبيرا في إعداد المتفجرات والأحزمة الناسفة والتخطيط الإجرامي لقتل العديد من الأرواح البريئة؟!

تعليم صناعة المتفجرات والتدريب على استخدام الأحزمة الناسفة ليس بتلك الصعوبة، إذا ما قورن بتدمير العقل البشري وزراعة الأفكار الضالة فيه.

يقول الخبير النفسي أحمد السبيعي: "هناك فجوة لدى البعض يستغلها مروجو الفكر الضال والمنحرف، لتوريط مثل هؤلاء الشباب في العمل الإجرامي، وبعد سلسلة من الأعمال الإجرامية، لا يصبح أمام الشاب سوى المضي قدما في أعمال التخريب لتنتهي حياته على نحو مأساوي".

الدولة لم تتهاون في رعاية وتوفير جميع السبل والخيارات أمام شبابها لتحقيق الطريق القويم المستقيم لهم، ولعلمها أن قيام نهضتها يعتمد على نمو هذه الفئة.

من الخيارات التي قامت بها فتح باب الالتحاق ببرنامج الابتعاث الخارجي سنويا، لتتفاجأ مؤخرا بإلحاد المبتعثة هيفاء الشمراني، وخلال حديثها مع صحيفة "أيفينج تايمز"، استغلت كره الإسلام والطعن والقدح في بلادها عبر الإعلام الغربي لمحاولة الحصول على الدعم والإقامة الدائمة في بريطانيا، في مسلسل الخيانة للوطن الذي هيأ الفرصة لتميزك ونجاحك.

برنامج الابتعاث الخارجي أخرج لنا نخبة من الكفاءات العلمية الشابة المخلصة لوطنها، والمؤهلة لخدمته وخدمة الدين ونشر قيم الإسلام السمحة وتعاليمه السامية، ولا تقاس مخرجاته على حالات شاذة، بدأت تظهر في بعض الحسابات الوهمية في برامج التواصل الاجتماعي.

ياسر الحودي وهيفاء وعائلتها، ومن هم على شاكلتهم في الظلام، هم في النهاية عاشوا ونشؤوا في مجتمع محافظ، وتعليم موحد يتقيد بالقيم الإسلامية الصحيحة وتطبيقها، لكنني أود القول إن تعليمنا، ومن أول حصص الدراسة في الابتدائية وحتى الثالث ثانوي، وما استقيناه من حصص الدين وتعاليم القرآن والسنة بتعدد المناهج من توحيد وفقه وتفسير، تزرع فينا عكس ما آلوا إليه.

مشكلة أن تكون هناك مخرجات ذات تفكير مختلف وضال، بين إلحاد وإرهاب. فمن يستطيع تفكيك هذه الأحجية؟!

الإجابة ليست بتوزيع التهم المعلبة على الآخرين، وإنما تحتاج إلى متخصصين من عدة مجالات، لفك أحجية الضلال يمينا ويسارا.