هذه العبارة تستفزني جدا خاصة من مدعي الثقافة والعلم، تجدهم يتهمون مجتمعا كاملا بالجهل والسطحية لمجرد أن إنسانا مغمورا بسيطا أصبح محل انتباه الناس. لعل آخر مثال هو مقطع "العم معيض" الذي انتشر في أقل من 24 ساعة وأصبح حديث الساحة. وحتى لا اُتهم بأني مؤيد للعنف ضد الأطفال أوضح لحضراتكم أني أرفضه بشدة. ولكن تعالوا نتابع ردات فعل الناس تجاه هذه القضية. انقسم الناس لمعارض ومؤيد، المعارضون برروا معارضتهم لسببين، الأول: العنف تجاه الأطفال. والثاني: أننا مجتمع يصنع من المتخلفين مشاهير. المؤيدون برروا دفاعهم لسببين، الأول: أن الضرب طبيعي ومتوغل في تربيتنا، والثاني: أن المقطع كان مضحكا.

يهمني موضوع "أننا نصنع من المتخلفين مشاهير"، بعض الحالمين يريدون حصر الشهرة لمن يستحقها بنظرهم من مفكرين وأدباء وسياسيين ومخترعين، رغم أن كل شعوب الأرض يكون فيها المطربون واللاعبون والممثلون، بل حتى بعض المجرمين هم الأكثر شهرة.

وأكاد أجزم أنك لو ذهبت لأي دولة متقدمة وتسأل 100 شخص في الشارع عن 3 أسماء علماء حاصلين على جائزة نوبل لكان أكثرهم لا يعرفون.. بينما لو تسألهم عن مطربين أو لاعبين لأجابوك بكل سهولة.

بعد وسائل التواصل الحديثة أصبح الناس هم من يصنعون مشاهيرهم وليس كالسابق، كان الإعلام الكلاسيكي هو من يفرض الشهرة على الناس. وهذه ظاهرة منتشرة في كل دول العالم، أشخاص مجهولون في دول متقدمة دخلوا عالم الشهرة من مقطع فيديو واحد، وأصبحت البرامج الكبيرة تستضيفهم والقنوات تسعى إلى لقائهم. الشعوب بطبعها تحب الترفيه، ولذلك نجد الممثل الأميركي "ليوناردو ديكابريو" عدد متابعيه في "تويتر" أكثر من أي مفكر أو أديب أو عالم أميركي، بل إن متابعيه أكثر من متابعي نائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية.

أرفض ما حصل في مقطع العم معيض، ولكن بعضهم يمارس وصايته على الناس ويقول لا تتحدثون عن فلان أو علان، وأن شهرة هؤلاء دليل تخلفنا وتخلف مجتمعنا! رغم أن هذا يحصل في كل مكان في العالم.