"تعليمنا في حاجة إلى إعادة صياغة للأنظمة والتشريعات. المدرسة ليست مجرد دروس وحصص وفصول. المنظومة المرتبطة بالمنهج، تسير بلا رؤية واضحة، ولا أهداف محددة. طرق التدريس ما زالت غارقة في التلقين. نظامنا التعليمي ما زال مكبلا بكمّ هائل من التحوطات والتوجسات المكتوبة وغير المكتوبة...".
هذه الكلمات لم يكتبها صحفي ناقد، أو معلم محبط. هذه مقتطفات من مقال نشر أول من أمس في صحيفة "الحياة" لوزير التعليم الحالي أحمد العيسى، وفيه اعتراف واضح بحجم الخلل الكبير الذي يعتري نظامنا التعليمي، وشرح مفصل -من وجهة نظر الكاتب والمسؤول الأول في الوزارة- للإشكالات والعلل التي يعانيها التعليم، أنهاه بالتأكيد على عزم وزارته إصلاح ذلك، وفق خطوات جادة وخطة عمل موضوعة.
نقدر كثيرا للوزير العيسى جرأته في الاعتراف بالمشكلة، وهو ما يسهل علاجها أو علاج جزء منها، وهذه ليست المرة الأولى التي يتكاشف فيها وزير للتعليم مع الناس، ويفتح قلبه، ساردا المشكلات التي يواجهها، إذ سبقه الوزير الراحل محمد الرشيد الذي جاء كاتب المقال "الوزير الحالي" على ذكر محاضرة ألقاها الرشيد في حضوره، ولعل هذين الوزيرين يجتمعان في صفات الشفافية والطموح الكبير وكثرة المتربصين.
نعلم جميعا يا معالي الوزير أن "الشق أكبر من الرقعة"، لكننا سنمارس معك التفاؤل، ونضع بين أيديكم بعض المقترحات التي من الممكن أن تساعدكم في مهمتكم "المستحيلة".
سأبدأ بالتقنية، وأكرر ذلك مرارا وتكرارا "التقنية"، وأقصد بالتقنية التعليم بالشاشات والسماعات والوسائط الحديثة.
ببساطة، كي نستصلح الطالب وهو لب العملية التعليمية لا بد أن نواكب اهتمامات عصره، ولما كانت التقنية أولها، فلنضعه في قلبها داخل المدرسة.
وبخصوص مشكلات المباني الدراسية التي تواجه الوزارة، بعد المناهج طبعا، فأقترح أن تتبنى الشركات ورجال الأعمال بالتنسيق مع غرف التجارة مهمة بناء المدارس، ويمكن أن يستخدم برنامج نطاقات للضغط على الشركات كي تباشر هذا الدور.
أما بخصوص المعلم، فيمكن إخضاع المعلمين لدورات "أون لاين"، أي أنه من الممكن تدريب 100 ألف معلم ومعلمة في يومين عبر برنامج إلكتروني ممنهج، ووفق آلية تضمن الاستفادة، دون الحاجة إلى 500 عام، ومن الضروري أن تفعل وزارتكم نظام الحوافز لمن يعمل حتى يتحرك من لا يعمل، فإحدى مشكلات التعليم التي لم تذكرها في مقالك أن المعلمين لا يتنافسون إلا على أفضل معلم يحضر لهم التميس!.