في مقالي السابق ((انتبهوا.. ثروتنا ضائعة..)) أوضحت أن آخر النشرات الإحصائية الشهرية لمؤسسة النقد العربي السعودي التي صدرت في اليوم الرابع من الشهر العاشر من العام الحالي 2010 وفي قسمها الخاص بـ((الإحصاءات النقدية والنشاط المصرفي)) قد أوضحت تراجع الودائع المصرفية في البنوك في عام 2010 عنها في عام 2009 على خلاف ما كان يحصل في الأعوام السابقة، حيث كانت الودائع ترتفع سنوياً بمعدل يقارب 15% ويزيد على مئة مليار ريال سنوياً، فالودائع في عام 2005 كانت 489 مليار ريال، وفي عام 2006 أصبحت 591 ملياراً، وفي عام 2007 صارت 717 ملياراً وفي عام 2008 بلغت 846 مليار ريال، وفي عام 2009 أصبحت 940 مليار ريال، أما في عام 2010 وتحديداً في نهاية شهره الثامن كما ورد في النشرة الإحصائية فقد تراجعت إلى (929) مليار ريال.. وتساءلت في المقال عن سبب هذه الحالة اللافتة.. ووعدت بتتبع الأرقام، ومحاولة الإجابة على السؤال.
وقد تتبعت بعض أرقام النشرة الإحصائية الشهرية نفسها الصادرة من مؤسسة النقد العربي السعودي، وكانت أول معلومة اتضحت لي أن التراجع لم يحصل في ودائع الريال السعودي للمواطنين والمقيمين، فهذه الودائع لم تتراجع بل على العكس من ذلك زادت، حيث كانت في نهاية عام 2009 في حدود 756 مليار ريال، فأصبحت في الشهر الثامن من عام 2010 في حدود 778 مليار ريال، أي أنها زادت بـ22 مليار ريال، وهذه تمثل الودائع تحت الطلب والزمنية والادخارية، وقد حصل تفاوت بين هذين النوعين من الودائع حيث زادت ودائع تحت الطلب على حساب الزمنية والادخارية وتبرير هذا كما يبدو تراجع معدل الفائدة للحد الذي جعل الكثيرين يبقون ودائعهم تحت الطلب ولا يربطونها لضعف العائد.
والتراجع الحاصل كان في ودائع المقيمين بالعملات الأجنبية (حسب التعبير الوارد في إيضاحات النشرة في أسفل الصفحة)، فهذه الودائع كانت في نهاية عام 2009 تعادل ما يقارب (160) مليار ريال، فظلت تتناقص خلال أشهر عام 2010 حتى وصلت في الشهر الثامن إلى (122) مليار ريال تقريباً، أي أنها تراجعت بما يقارب 38 مليار ريال.
وهذا النوع من الودائع التي ظلت تتراجع على هذا النحو في عام 2010 كان يرتفع بشكل مطرد في الأعوام السابقة، ثم حصل التحول في العام الحالي، فلماذا حصل هذا يا ترى..؟
سأحاول معرفة هذا بالرجوع لأرقام أخرى إن استطعت، ولكن قبل هذا لا بد أن نعرف أن هذا النوع من الودائع يخص أفراداً وشركات وحكومات وفق الإيضاح الوارد في النشرة، ولابد أن يكون من ضمنها تلك الودائع التي تخص المستثمرين الأجانب (الاستثمار الأجنبي) الذي يدور حوله الآن حوار طويل، كما أن من ضمنها ودائع لمختلف العاملين المقيمين في المملكة، سواء من منسوبي الحكومة أو الشركات أو العاملين في المنازل.
لماذا يا ترى حصل التحول في ودائع المقيمين في المملكة بالعملات الأجنبية فبدلاً من النمو الذي كان يحصل في الأعوام السابقة بدأ التراجع في العام الحالي وعلى هذا النحو السريع..؟ هل الاستثمار الأجنبي له دور في ذلك..؟
سأحاول الإجابة على السؤال في مقال قادم إن استطعت.