تصطف أشجار النخيل وعلى جانبيها المنتجعات السياحية في مدينة "جراند بسام"، الواقعة جنوب شرق ساحل العاج، حيث يستمتع السياح الأجانب بحمامات السباحة الزرقاء وشواطئ الرمال البيضاء، بهدوء تام.
بيد أن هذه الصورة من الهدوء تحطمت يوم الأحد عندما قام مسلحون بالهجوم على ثلاثة منتجعات في هذه البلدة الساحلية، مما أسفر عن مقتل 18 شخصاً. وقد أعلن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وهو فرع تنظيم "القاعدة" في شمال إفريقيا، مسؤوليته عن المجزرة.
تظهر الهجمات الأخيرة في عدد من الفنادق الفاخرة في غرب إفريقيا أشياء كثيرة عن مشهد الإرهاب بدءاً من الزحف العالمي لتطرف تنظيم "القاعدة"، إلى قدرته على هز أكثر الدول استقراراً في جنوب الصحراء الكبرى، حيث الحدود التي يسهل اختراقها والأوضاع الأمنية غير المستقرة.
ويستند قرار القاعدة بضرب الفنادق الفاخرة، في جزء منه، على اعتبار أن المنتجعات هي مراكز للمغتربين، وأن قتل الوافدين يحظى باهتمام دولي. بيد أن الهجمات ضربت شيئاً أعمق: فغالبية من يترددون على منتجعات "جراند بسام" ينتمون إلى الطبقة الوسطى التي ازدهرت أخيراً في ساحل العاج، من أصحاب المشاريع ومعلمي المدارس وعمال الإغاثة. لقد كان ازدهارهم، بنفس قدر ازدهار نظرائهم الغربيين، هو ما كان تحت الحصار في نهاية الأسبوع الماضي.
وقد شهدت تونس ومصر وتركيا هجمات وحشية على المنتجعات في العام الماضي. غير أن هذه الهجمات لها أهمية خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تبدو الفنادق الفاخرة وكأنها تتخطى التحديات التنموية الضخمة، مما يضفي رؤية جديدة على الأماكن التي تناضل غالباً من أجل توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها.
وفي نوفمبر الماضي، أخذ المتشددون الإسلاميون التابعون لتنظيم "القاعدة" 170 رهينة، وقتلوا خلالها 20 شخصاً في فندق "راديسون بلو" في باماكو عاصمة مالي. وقتل 30 شخصاً في هجوم مشابه في فندق "سبلينديد" الشعبي في واجادوجو عاصمة بوركينا فاسو في يناير. وفي الصومال، قامت منظمة "الشباب" بمهاجمة فنادق في العاصمة مقديشو، في واحدة من أكبر عمليات العنف التي قامت بها خلال الأشهر الأربعة الماضية.
وبعد الهجوم على مركز "ويستجيت" في نيروبي عام 2013، كتبت إيف فيربانكس إن الهجمات على مراكز الاستهلاك والازدهار الإفريقي تبعث برسالة قوية للسكان المحليين. وأشارت إلى أن مثل هذه الهجمات تضرب قلب الدولة ورؤيتها الجديدة للطبقة الاستهلاكية، تماماً كما ضرب الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي رؤية أميركا لذاتها كمكان يمكِّنك العمل فيه باجتهاد من بلوغ مكانة مرموقة.
كانت مدينة "جراند بسام" مكاناً هادئاً للرفاهية، وهي أيضاً بلدة يقطنها أناس طيبون يحبون الغرباء، مقارنة بأبيدجان التي تعد مكاناً مجهداً للأعصاب وصاخباً، حيث يركز الناس على العمل وكسب المال، فهل من الممكن استرداد ذلك الهدوء الذي كانت تتمتع به فنادق غرب إفريقيا من قبل؟