سيبقى يوم الرابع والعشرين من أبريل محفورا بأدق تفاصيله في ذاكرة الأهلاويين طويلا بعد أن أعلنت الساعة الأخيرة منه ترويض فريقهم للقب عاندهم مرارا طوال سنوات تجاوزت الثلاثة عقود، تارة لأسباب تخصهم وحدهم وتارة لأخرى لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بيد أن عشب "الجوهرة" في أمسية الأحد كتب فوقه لاعبو الأهلي الحرف الأخير من ملحمة كروية استمر عرضها ثمانية أشهر، حملت لعشاقهم كل فنون الدراما، بيد أن مشهدها الأخير قدم لهم نهاية سعيدة منصفة سالت معها دموع فرح أكثر من 56 ألف شاهد على الحدث، وآلاف آخرين حرمتهم سعة استيعابية من التواجد، فاضطروا للبقاء في محيط المدينة الرياضية وملازمة أجهزتهم الذكية لمتابعة فريقهم.
بين الشتاء والصيف
بعد أن وضع الأهلي نفسه بطلا للشتاء مع انقضاء الدور الأول، تضاعفت نبرة التفاؤل بين أنصاره، خاصة وأن الفريق حينها أكمل سلسلة مباريات وصلت إلى 47 دون خسارة، بيد أن بداية مهتزة لمنافسات الدور الثاني نتج عنها 3 تعادلات توسطها انتصار باهت على الوحدة أوقفت أحلامهم، وسط فراغ إداري خلفته استقالة باسم أبوداود المفاجئة، التي تركت أثرا سلبيا على استقرار الفريق، قبل أن تأتي الخسارة الأولى من نجران لتدق ناقوس الخطر، وجاء التدخل الإداري بتعيين الخبير طارق كيال مشرفا عاما على الفريق، ولم يحتج الأخير كثيرا من الوقت ليضع يده على موقع الخلل ومعالجته، ومع أول حضور رسمي لكيال في مواجهة الشباب بدأت سلسلة انتصارات متتالية استعاد معها موقع الصدارة وصلت إلى ست مباريات تأكد مع آخرها انتزاعه للقب رسميا بتجاوز منافسه الأقرب الهلال وقبل النهاية بجولتين.
لوحة المجانين الأجمل
للبطل ملامح لا يمكن أن يحظى دونها بهذه التسمية، وفي الأهلي تحديدا توفرت كل مؤشرات البطل هذه المرة، بعضها أتت من خارج المستطيل الأخضر عبر اهتمام ومتابعة مستمرة من قبل إدارة الرئيس مساعد الزويهري ونائبه عبدالله بترجي والتفاف شرفي غير مسبوق، وقبل كل ذلك وقفة دائمة لم تنقطع يوما من رجل الأهلي الأول الأمير خالد بن عبدالله بتصديه لكل أزمة طارئة تلم بعشقه الأزلي، لعل آخرها استقباله للاعبين شخصيا في المطار بعد خسارة نهائي كأس ولي العهد وشده من أزرهم، فيما رسم المدرج الأخضر اللوحة الأجمل كما وكيفا، فلم يكتف "المجانين" بتسجيل الحضور الأعلى جماهيريا هذا الموسم "300.261 متفرج على أرضه و25.022 خارجها"، بل كان لدعمهم ومؤازرتهم الأثر البالغ في تحفيز اللاعبين، وبطرق تشجيع مبتكرة باتت علامة مسجلة باسمهم وغير قابلة للتقليد.
جودة أدوات النجاح
تبقى مؤشرات الفريق البطل داخل المستطيل الأخضر هي الأهم، ولغة الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل، تكشف عن عمل فني كبير أداره بدهاء السويسري "كريستيان جروس"، فالأهلي الأكثر انتصارا والأقل خسارة واستقبالا للأهداف، وبالطبع لم يكن للسويسري أن ينجز مهمته لولا توفر أدوات النجاح، فبجانب الأسماء السابقة المؤثرة كتيسير الجاسم وياسر المسيليم وأسامة ومعتز هوساوي، اتسمت تعاقدات الأهلاويين المحلية رغم قلتها خلال الموسمين الأخيرين بالنضج واسهمت في تعزيز قوة الفريق، كالثنائي المتألق سلمان المؤشر وحسين المقهوي، بينما لا يمكن الاختلاف إطلاقا على جودة الاستقطابات الخارجية "عمر السومة، محمد عبدالشافي وفيتفا تزيديس"، وإن لم توفق أسماء أخرى لعوامل مختلفة، ويبقى الأول الأكثر تأثيرا بأهدافه الغزيرة التي وضعته زعيما للهدافين لثاني موسم على التوالي "44 هدفا في 42 مباراة".