تقديرا واحتراما لتلك الشخصية الغالية حذفت من حسابي تغريدة أسئلة الشك عن نزاهة ونظافة قطاع الرياضة. أنا أملك ثقافة الانسحاب مثلما أملك شجاعة الاعتذار واقفا شامخا على رؤوس الأصابع. دعونا نتحول من تغريدة الاتهام المسحوبة إلى مقال الظنون والشكوك حول نزاهة الرياضة. خذوا هذه المقاربات للعبرة وربما أيضاً للدلالة: أهرام وقيادات الفيفا يساقون إلى المحاكم زرافات ووحدانا بتهم الفساد أو قبول الرشوة. رئيس الفيفا يسقط في براثن الدليل في نفس عام "الزلزال" الذي سقط فيه رؤساء ثلاث اتحادات قارية. لماذا نستبعد تماما أسئلة الظنون والشك بينما نحن بالنظام والتوقيع نخضع مسابقتنا الرياضية الأولى إلى إشراف مؤسسة رقابية عالمية اسمها "رادار" ومهمتها الوحيدة أن تراقب أي عمليات تلاعب في المسابقة؟
لماذا نعتقد أن أسئلة الظنون والشك حول نزاهة ونظافة هي أسئلة صفراء لا يمكن لها أن تتعدى الخط المتاح الأحمر كبقية الأسئلة؟ لماذا نعتقد أن الرياضة فكرة نظيفة نزيهة ووحدها تعيش على كوكب المريخ بينما كل ما يلي يعيش معنا بقصصه الفضائحية على كوكب الأرض: المباحث الإدارية تحقق يومياً في عشرات الملفات والقضايا مع مسؤولين من كافة القطاعات الإدارية ومثلها هيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة، وفوق هذا لدينا هيئة مكافحة للفساد. لدينا بالأدلة المنشورة المعلنة قصص آلاف الأراضي وملايين الأمتار التي بلعها بعض الهوامير بصكوك مختلفة أو مزورة أو مكتوبة في جوف الليل البهيم الأسود. لدينا عشرات قصص الفساد والتزوير والرشوة في شتى مناحي حياتنا الإدارية أو العامة فنحن لسنا مجتمعا ملائكيا ولا قادما بالصدفة من جمهورية أفلاطون الفاضلة. وتبقى الحقيقة أن كل كوكب العمل الإداري في المجال الرياضي قد جاؤوا للمناصب والكراسي والملاعب من ذات المجال الرياضي نفسه، فلماذا لا نفترض أسئلة الشك في أنهم أتوا إليها بميولهم ومصالح أنديتهم وطبائع الهوى النفسي كما هي الغريزة والفطرة البشرية؟ لماذا في المثال الأخير نستقدم في الموسم الرياضي الواحد ما لا يقل عن مئة حكم أجنبي إن لم تكن لدينا أسئلة الظنون والشك حول نزاهة ونظافة الميدان الرياضي، ثم نتعامى عن قول هذه الحقيقة الحمراء الصارخة. انتهى الشوط الأول من اللقاء ومعه انتهت المساحة.