تعددت إخفاقات الرئيس الأميركي باراك أوباما في تعامله مع المشكلات التي تعصف بالشرق الأوسط، بدءا من احتمال انهيار سد الموصل في العراق، وانتهاء بالحرب في سورية وتداعياتها.
وعن خطورة سد الموصل، تقول السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سامانتا باور، إنه يحتجز خلفه11 كيلومترا مكعبا من المياه، وإذا ما تصدع فإنه سيطلق أمواجا بارتفاع 45 قدما في نهر دجلة، مما قد يودي بحياة 1,5 مليون شخص. كما أن مياهه ستجتاح العاصمة بغداد في غضون ثلاثة أيام.
إن المفارقة تكمُن في أن "كارثة إنسانية بمعدلات هائلة" تحدث بالفعل في سورية جارة العراق، إذ أزهقت الحرب الأهلية هناك حتى الآن أرواح 470 ألف شخص. كما أنها أجبرت 4,8 ملايين سوري على الفرار من وطنهم، طبقا لأرقام المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة.
لقد بلغت الأمور حدا انهارت معه أفغانستان والعراق وسورية جميعها، لكن أوباما لا يريد أن يتحمل تبعات ذلك.
ولعل النقطة المحورية فيما ينطوي عليه سد الموصل من رمزية، تتمثل في أن الأمور في المنطقة ربما تمضي إلى ما هو أسوأ مما يحدث الآن بكثير.
إنني لا أرى على وجه اليقين سببا يحول دون تفاقم الصراع الطائفي الذي يمزق الشرق الأوسط إربا إربا.
ولا أرى سببا يقف حائلا أمام تنامي الشبكات الإرهابية، وما "داعش" إلا واحد منها. كما لا أرى ما يجعل الطوفان البشري الذي يحاول الهرب من الدول الفاشلة، ينحسر فجأة.
ويسعى الرئيس الأميركي الآن إلى تحميل الآخرين أوزار ما يحدث، وإن على رأس قائمة "أكباش الفداء" من حلفاء الولايات المتحدة التقليديين ليست بريطانيا ولا فرنسا فحسب، بل حلفاءه في الشرق الأوسط وباكستان أيضا.
وانتقد أوباما بلا مبرر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وحذره من أن العلاقة الخاصة بين بلديهما سينفرط عقدها، إذا لم تضاعف بريطانيا إنفاقها العسكري، متهما إياه بأنه "منصرف البال" في وقت كان ينبغي عليه التركيز على ليبيا.
ولم تقتصر سهام النقد التي وجهها أوباما على رئيس وزراء بريطانيا وحده، بل طالت أيضا "مؤسسة السياسة الخارجية" في واشنطن والجيش الأميركي.
ولم يسلم أيضا أعضاء في إدارته من نقده، من بينهم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون التي حثته على التدخل في سورية عام 2012.
أوباما لم يدرك على ما يبدو أنه حينما طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "إجبار بشار الأسد على التخلص من أسلحته الكيميائية"، إنما فتح الباب أمام روسيا للتدخل في الشرق الأوسط.
إن ما يعتمل في ذهن أوباما هو أن الحرب الأهلية في سورية ليست سوى انحراف مزعج مما يحب أن يسميه "مسار التاريخ"، فهو يعتقد أن البشرية في محصلة الأمر باتت "أقل عنفا وأكثر تسامحا وصحة وأكثر قدرة على إدارة الخلاف".