أكد الكاتب في صحيفة "التلجراف" البريطانية، جون كوجلين، أن الانتقادات الشديدة التي تلقاها الرئيس أوباما بسبب مطالبته بريطانيا بالبقاء في الاتحاد الأوروبي، ربما تكون أقل حدة من الانتقادات التي سيسمعها من قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عند لقائه بهم اليوم في الرياض.
وأشار إلى أنه رغم تأكيدات المسؤولين الأميركيين المتكررة بأن الشعب البريطاني هو وحده الذي من حقه أن يقرر الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أو البقاء فيه من خلال الاستفتاء الذي سيجرى في يونيو القادم، إلا أن إشارة الرئيس أوباما إلى أنه يفضل بقاء بريطانيا في التحالف الأوروبي أثارت غضب مؤيدي الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، وجعلهم يتهمون أوباما، الذي سيزور بريطانيا الأسبوع الجاري، بالنفاق والمعايير المزدوجة.
وتوقع كوجلين أن يواجه أوباما خلال اجتماع القمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، انتقادات أشد قوة من تلك التي تلقاها من مؤيدي انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال كوجلين "إن أوباما، ترك إرثا من السياسة الخارجية وهو يقترب من نهايات ولايته الثانية، وهو يرغب في ترك بصماته على السياسة المعقدة في الشرق الأوسط، والذي كان قد جعله من أولويات سياسته الخارجية منذ البداية"، مضيفا أن "واشنطن لم تقم حوارا بنَّاء مع القادة العرب على مدى السنوات السبع الماضية، وأنها تحاول حاليا إصلاح العلاقات معهم".
علاوة على ذلك، ووفقا لكوجلين فإن "أوباما وحده يتحمل اللوم في التسبب بهذا الصدع الخطير، والذي بدأ عندما أيد الرئيس الأميركي المتظاهرين في بدايات ما يسمى بـ"الربيع العربي" عام 2011، دون أن يلاحظ أنه بذلك يدعم الإطاحة بحلفاء قدماء بالمنطقة.
وأضاف أن معظم الاضطرابات التي تشهدها المنطقة حالياً، بما في ذلك توسع تنظيم داعش في العراق وسورية وليبيا، تعود إلى رغبة أوباما في تغيير الوضع الراهن في العالم العربي. وزاد الأمر تعقيداً بسبب سعيه إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران التي تسعى للتحول إلى قوة نووية للهيمنة على منافسيها في دول الخليج.
ويرى كوجلين أنه بسبب التنازلات الكثيرة التي قدمها أوباما لحكام إيران للتوصل إلى اتفاقية نووية، فإنه تسبب في نفور حلفاء قديمين مثل المملكة، وعندما دعا قادة دول الخليج إلى كامب ديفيد في العام الماضي لتقديم تطمينات حول الاتفاق مع إيران، اعتذر معظم أولئك القادة ولم يذهبوا إلى القمة.
إصلاح العلاقات
حسب كوجلين، فإن آمال أوباما في إصلاح العلاقات مع دول الخليج خلال زيارته الرئاسية التي ستكون الأخيرة على الأرجح إلى الرياض، تضاءلت أكثر بسبب تصريحاته التي أدلى بها مؤخراً لمجلة "ذا اتلانتيك" حول الدول العربية، خاصة قوله "إن على المملكة أن تجد طريقة لمشاركة المنطقة مع إيران"، ويرى الكاتب أن هذا أمر لا يمكن أن تقبله السعودية التي تتصدى بقوة لمحاولات إيران فرض مزيد من الهيمنة في المنطقة.
وقال كوجلين إن ما لا يفهمه الرئيس أوباما هو أن طهران، بعكس تصريحاتها بأنها تسعى لعلاقات أفضل مع العالم الخارجي، إلا أن نجاحها في الحصول على الاتفاق النووي كان له تأثير عكسي، وهي تحاول الآن إرهاب دول الجوار بدلاً من تقديم الضمانات التي تجعلها أكثر اطمئناناً، بالإضافة إلى اختبارات الصواريخ الباليستية التي قامت بها، مشيرا إلى أن هناك أدلة ثابتة بأنها تزود عملاءها في البحرين واليمن بالسلاح. كما أن الميليشيات المدعومة من إيران في سورية تستغل وقف إطلاق النار لتعزيز وضع بشار الأسد.
ويختتم الكاتب كوجلين مقاله بالقول "إن الاتفاق النووي شجع إيران على القيام بمزيد من المشاكل بدلاً من المساعدة في إنهائها، وهي نقطة ستحرص المملكة على التأكيد عليها خلال زيارة أوباما إلى الرياض".