أكد محللون اقتصاديون سعوديون لـ"الوطن" أن تصريحات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، لوكالة بلومبرج، بـ"أن تعرفة المياه طُبقت بطريقة غير صحيحة، وسيتم تصحيحها"، تعبر عن آمال وتطلعات السعوديين بتحقيق التنمية الشاملة المستدامة التي لا تتأثر مع انخفاض أسعار النفط، وقالوا، إنه تشخيص لواقع أخطاء وزارة المياه والكهرباء في احتساب تسعيرة المياه، التي افتقدت لأسس الآلية العلمية في التصنيف، والتنفيذ، وبالتالي يجب إيقاف العمل بها، واستدراك الخطأ، متوقعين أن الحد من تأثير خفض الدعم الحكومي على المواطنين سيسهم في توفير حياة كريمة لأصحاب الدخل المحدود.
شجاعة المسؤول
قال المحلل الاقتصادي خالد العلكمي إن اعتراف الأمير محمد بن سلمان، بأن تعرفة المياه طُبّقت بطريقة غير صحيحة، يثبت شجاعة المسؤول، بقوله: "ما حدث لم يكن حسب الخطة التي وافقنا عليها" كما يثبت تحمـّـل المسؤولية وتصحيح الخطأ، والذي أكده الأمير بقوله "نعمل بجد لإصلاحات داخل وزارة المياه حتى تسير الأمور حسب الخطة".
وقال المستشار المالي والمحلل الاقتصادي فضل البوعينين إن التعامل مع المياه وفق معايير التكلفة لا يتوافق مع رؤية الحكومة الشمولية ذات الأبعاد الاقتصادية، والصحية والمجتمعية، والأمنية، لذا يجب التمييز بين التكلفة الكلية والتسعير الهادف للترشيد، بحيث يكون التركيز على التسعير الترشيدي للمياه، لتحقيق الهدف المنشود من المشاركة الجزئية في التكلفة والالتزام بترشيد الاستهلاك.
تنوع مصادر الدخل
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الفايز أن الدولة تحاول فتح مواقع متنوعة لمورد الاقتصاد السعودي، وسيكون هذا عبر التحول الوطني مع زيادة الدخل الحكومي، وبتنوع مصادره، ويأتي ذلك من خلال وضع تسعيرة للمياه والكهرباء، حيث كانت الدولة تضع تسعيرة رمزية لكافة المواطنين لكن مع رؤيا الخطة الجديدة ستبحث الدولة عن تعويض أصحاب الدخل المنخفض من الذين لا يستهلكون شرائح كهربائية أعلى، من الذين يملكون منازل فاخرة والذين يستطيعون دفع الفواتير المرتفعة بسهولة. وأوضح الفايز أن التعويض سيكون على هيئة كوبونات أو شيك مدفوع بمبلغ الفائض للمواطن متوسط الدخل، ويلزم هذا أهمية تحديد مستوى كل الأفراد من المواطنين بمدن المملكة، وفرز الفئات المستحقة للدفع، وتحولها عن طريق الشؤون الاجتماعية، وسيكون هذا في صالح شرائح المجتمع الفقيرة.
أرقام شمولية
أوضح المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أن وزارة المياه تعتمد في مقارنتها على أرقام شمولية وليست تفصيلية، فاستهلاك الفرد في السعودية لا يمثل استهلاكه الحقيقي لعدم عزله عن الاستهلاك التجاري والصناعي، وهو استهلاك كبير قد يغير نسب المقارنة غير العادلة. وبالرغم من أخطاء الفوترة، وغياب معايير الجودة المحاسبية إلا أن ارتفاع فواتير المياه سببها الرئيس الشرائح التي تقلصت بشكل كبير حتى أثّرت سلباً على محدودي الدخل من غير المسرفين. إن تقليص الشريحة الأولى والثانية من 100 متر مكعب شهرياً في التعريفة السابقة إلى 30 مترا مكعبا في التعريفة الجديدة هو ما تسبب في إحداث الفارق الكبير في الاستهلاك، فالشريحتان الأولى والثانية أكثر التصاقاً بذوي الدخول المحدودة ما يفترض عدم المساس بهما.
معونات نقدية
قال عضو مجلس إدارة غرفة جدة فهد بن سيبان السلمي، لعل كلمات الأمير محمد بن سلمان عن تقديم معونات مالية نقدية للسعوديين من أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط الذين يعتمدون على الدعم يمثل خبرا مفرحا للجميع، وسيحقق المصلحة العليا للوطن بوصول الدعم الحكومي لمن يستحقه، الأمر الذي سيسهم بالتالي في تقنين استهلاك الموارد البشرية الرئيسية المتمثلة في الكهرباء والمياه، مؤكداً أن ذلك سيقلل بدوره من تأثير ارتفاع أسعار هذه الموارد ويخفض استهلاكها في الوقت نفسه. مشيرا إلى أن ترشيد الدعم ستصاحبه توعية للمواطن بالاستهلاك المتزن، وأن إعادة هيكلة المصروفات الحكومية دليل واضح على رغبة الحكومة في العمل لصالح المواطن قبل كل شيء.
ما بعد النفط
اعتبر عضو الجمعية السعودية للاقتصاد السعودي الدكتور عبدالله بن أحمد المغلوث، أن الحد من تأثير خفض الدعم المالي على المواطنين خطوة مشجعة على اقتصاد المملكة لمراحل ما بعد النفط، وأن تقديم معونات مالية نقدية للسعوديين أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط الذين يعتمدون على الدعم تعتبر خطوة إيجابية تسعى إلى رفع الدعم من المشتقات النفطية وغيرها من الماء والكهرباء وتعويضهم بالمال النقدي. حيث إن المستفيد الأكبر من الدعم هم الأغنياء وأصحاب الدخول العالية.
وقال المغلوث إن هذه المرحلة المتميزة التي يسعى إليها ولي ولي العهد تعزز الاقتصاد وتوفر البدائل من موارد الدولة، بل إن السياسة الاقتصادية في رأيي أن من يستحق الدعم فالحكومة لا تقصر معه، أما الذي لا يستحق فلا أجد بأنه بحاجة للدعم وتركه لغيره من المواطنين ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، ولكن يكون عبر آلية في إجراءات اقتصادية سليمة.