الاحتفال بيوم المرأة العالمي احتفال بمنجزاتها، ولدينا ما يمكن أن نحتفل به من إنجازات النساء السعوديات في مجال العلم والإدارة والاجتماع، ولدينا نساء قادرات على إدارة المناصب العليا لو أتيحت لهن الفرصة، وهو يوم مناسب لنتذكر قضاياها ومشاكلها المعلقة.
"أيها الرجال اتركوا المرأة وشأنها، فهي تتحدث عن قضاياها بنفسها". هذه الجملة نسمعها كثيرا من الذين في رؤوسهم جهل وفي قلوبهم مرض. أما الجهل فهو أنهم لا يعلمون أن حديث الرجل عن المرأة إنما هو حديث شخصيّ عن قضايا بنته وأمه وزوجه وأخته، وهم يجهلون أيضا أن حديث الرجل عن المرأة، وحديث المرأة عن الرجل إنما هو حديث عن الإنسان؛ فالرجل والمرأة هما إنسان واحد، وحديث أحدهما عن الآخر هو حديث عن نفسه.
وأما مرض قلوبهم فلأنهم يظنون كل حديث عن المرأة حول حقوقها واستقلاليتها هو دعوة إلى الإباحية وإلى إخراج "الدرة المكنونة"، كما يزعمون، من صندوقها.
المرأة السعودية لديها كثير من الإشكالات المترابطة، لديها مشاكل مع الأنظمة والقوانين، مع النظرة الاجتماعية ومع كثير من الآراء الدينية المغالية في تشددها، لكن مشكلتها الأساس فيها وفي أقاربها الرجال. وهي مشاكل تتعلق بحقوقها وبوجودها كإنسان.
أخبرني أحد أصدقائي، وقد اشتغل مؤخرا بقضايا الأراضي والمواريث، بأنه وصل إلى يقين أن نساء قريتنا لا يحصلن على حقوقهن من إرثهن من الأراضي الزراعية والسكنية حتى وإن كان نصيبها موجودا على الورق. فغالبا يكتب الأب وصيته أو يقسم الأقارب تركته بجعل نصيب كل شقيقة مع شقيقها في مكان واحد، فيتولاها الشقيق ويورثها لأبنائه ويورثونها لأبنائهم حتى ينمحي حق المرأة الأولى تماما وتتراكم عليه المناسخات حتى يغدو لا وجود له ولا مطالب به.
- كثير من الرجال السعوديين يمشون ببطاقات الصراف الخاصة بقريباتهم في جيوبهم، فهو لا يرى فيهن أهلية لحمل البطاقة والمال.
- كنت مع زملائي نتحدث عن قيادة المرأة فسألني أحدهم: هل ترضى أن تسوق المرأة السيارة؟ أجبته نعم؛ سألني وماذا لو بنشرت السيارة وجاء شباب نشامى لمساعدتها؟ فأجبته يا زميلي: المرأة يجب أن تثق بها مطلقا حتى يثبت العكس، أو ألا تثق بها واترك عملك وارجع واجلس على باب غرفتها 24 ساعة لا تفارقها، ولا تغفل عنها، ولا تنام عينك عنها لحظة واحدة.
- وجه المرأة ما زال قضية القضايا عندنا، فليس من حقها التصرف فيه، فرجال قبيلتها سينتقدون أباها وأخاها وزوجها إن كشفت وجهها، كما تقول شاعرة المليون حصة هلال في حوارها مع البي بي سي الذي نشرته العربية نت في 27 مارس 2010. وتضيف: "فقد يقابلهم البعض في الشارع ويصمهم بأنهم ليسوا رجالا، لعدم تغطيتي وجهي".
ليس هذا فحسب بل إن اسم المرأة لا يحق لها التصرف فيه إلا بموافقة زوجها، إحدى الشاعرات باسم مستعار ترفض أن تصرح باسمها الحقيقي، فالكلمة في ذلك لزوجها حسب تعبيرها لصحيفة عكاظ 28 أبريل 2008!
وما دام اسم المرأة ووجهها من شؤون الرجل ولا يحق لها التصرف فيهما فإن مسألة حقوقها المالية والمدنية والإنسانية ما زالت بعيدة عنها كل البعد.
- في يوم المرأة العالمي لا بد من تقديم التحية إلى كل امرأة استطاعت أن تتصرف في وجهها واسمها بحرية، ولكل امرأة سعودية استطاعت أن تقدم التضحية وتتحدث وتكتب مدافعة عن النساء وحقوقهن، وتحية لكل رجل وقف مع زوجه وابنته وأخته ليبحث معهن عن مستقبل إنساني حقيقي.
- منذ حين أراقب شابا وزوجته يتغازلان ويتعاتبان بلغة رفيعة على "تويتر" بأسمائهما الأولى صريحة، ويعلمان أني أراقبهما بمتعة وفرح، ولن أخبرهما.
- صباح أمس كتب الدكتور علي عبدالمتعالي "آه؛ كم أحبك" تحت صورة زوجته الدكتورة فاطمة الهازمي التي نشرتها على صفحتها في "الفيسبوك".
- كأنما نبتت لذلك الصباح أجنحة ليرتفع في الآفاق العليا للحياة.