دارت نقاشات كثيرة في فعالية نظمتها جمعية الثقافة الفنون بأبها، حول وسائل تدوين المنتج الإنساني وفنونه المتعلقة بثقافة المكان وتقديمه أمام الجيل الحالي، وتباينت الآراء ما بين استحثاث الجهات ذات العلاقة وما بين الجهود الفردية.
جاء ذلك ضمن مداخلات محاضرة الباحث في التراث رئيس أدبي أبها السابق أنور محمد آل خليل التي ألقاها مساء أول من أمس بعنوان "الصخور دفاتر الإبداع الأولى"، وذلك ضمن فعاليات المنتدى الثقافي بفرع جمعية الثقافة والفنون بأبها.
وكانت الأمسية بدأت بتقديم من منسق المنتدى الثقافي في فرع الجمعية مرعي عسيري، عقب ذلك ألقى مدير الأمسية أحمد نيازي الضوء على مسيرة آل خليل الذي كان له مشوار طويل في التوثيق والتصوير للكثير من المواقع الأثرية والنقوش.
مسيرة الفن
تناول آل خليل في حديثه فنون النقش وبداياتها ودلالاتها، مستعرضا البدايات الأولى للرسم الذي اعتبر أنه لغة الإنسان المدونة على الحجر، حيث كان الرسم كما قال آل خليل: "الوسيلة للتوثيق بأشكال تعبيرية تحكي واقع الإنسان القديم". وقال: "إن هذا الفن مر بمراحل نمو تصاعدية من خلال تطور البيئة الجغرافية".
وقدم آل خليل خلال الأمسية فيلما مرئيا لمشواره التوثيقي للكثير من النقوش والأماكن الأثرية في منطقة عسير التي ذكر أنها تعج بالكثير من المواقع الأثرية التي تحمل نقوشا وفنونا للرسم لإنسان العصر القديم، مؤكدا في تعليقه أن انطلاقة الفن بدأت من الصخور التي كانت دفترا للإبداع.
معتبرا أن هذه النقوش هي قاموس مصور للزمن الماضي لرحلة الإنسان الذي استخدم فيها الصخور رغم صلابتها للتوثيق.
وطالب آل خليل الجهات ذات العلاقة بالتعامل مع هذا الإرث بأدوات العصر الحالية حيث تمنى أن يجد موقعا إلكترونيا لحصر النقوش الأثرية على امتداد هذا الوطن المترامي الأطراف.
مداخلات
حفلت الأمسية بعدد من المداخلات التي طالبت بالتوثيق لهذه النقوش والحفاظ عليها وتدوينها وفك رموزها ودلالاتها، حيث طالب علي مغاوي جامعة الملك خالد بدورها الأكاديمي في البحث عن النقوش التي تتبع المنطقة وتقديمها أمام الجمهور في عمل توثيقي. فيما رأى الشاعر إبراهيم طالع أن المؤسسات ذات العلاقة قد لا تقدم المضمون الحقيقي في توثيقها لأهمية مثل هذا الإرث مثل ما يقدمه الإنسان العاشق لهذا الفن، مطالبا ضيف الأمسية الشروع في إعادة تقديم ما تم توثيقه ومواصلة هذا المشوار الذي يحفظ للإنسان ومكانه حقوقه ومكانته منذ القدم. وفي ختام الأمسية، وعد مدير جمعية الثقافة والفنون في أبها أحمد بن إبراهيم السروي بالتواصل مع ضيف الأمسية في سبيل تقديم مشروع تساهم فيه الجمعية يتضمن إقامة معارض متخصصة بهذا الفن الذي يعكس أهميه ما تناوله إنسان العصر القديم في مراحل حياته، حيث إن الرسوم كانت هي النافذة التي استطعنا الإطلالة من خلالها على معطيات الإنسان في حقبة زمنية سابقة.