من البديهيات أن الوسط الرياضي مثله مثل بقية الأوساط الإنسانية يحتاج إلى نشر ثقافة الحوار الراقي ومقارعة الحجة بالحجة، وما أجمل أن يثبت النادي قوته وهيبته عن طريق نشر روح الحوار الرفيع، وهذا هو الهدف الاجتماعي من تأسيس الأندية الرياضية في بلادنا.
في واقعنا المعاش نجد العكس تماما، فمن يتصدر المشهد الرياضي أغلبهم لا يملكون من ثقافة الحوار سوى تبادل الإهانات، معتقدين أن هذه الطريقة هي الأسلوب الأنسب لاسترداد هيبة الأندية، ولا أعرف كيف استطاعوا إدخال هذه الفكرة المتخلفة في عقول الجماهير؟.
ففي رياضتنا بالذات تم استحداث مهنة جديدة تحمل مسمى مصارع إعلامي أو فتوة إعلامي ليس له دور اجتماعي سوى جلد الخصوم ونسف جباههم بحواره الهابط، وفن الحوار الهابط له أنصار ومؤيدون وقنوات فضائية تستضيفهم بشكل روتيني حتى صاروا جزءا من اللعبة، فهم حماة الأندية وبسواعدهم يكتمل بناء أسوار النادي الطويلة، وبدونهم سيظل النادي جدارا قصيرا لا يجد من يحميه، ومثل هذه الأفكار المغروسة في عقول الجماهير هي تشجيع صريح على ضحالة الفكر وتكريس للسطحية وهدم لكل أسس الوعي.
كيف يتصدر هؤلاء الفتوات إعلامنا بهذا الشكل المستفز؟ وعلى أرض الواقع لم نجد دورا فاعلا لمحاربة هذا الفكر الدخيل على الرياضة، والذي يتبناه أشخاص يعتزون ويفتخرون بأنهم مكروهون، وأنهم حولوا أنديتهم إلى أندية مكروهة، ظنا منهم أن نشر هذه الثقافة هي الأسلوب الأمثل لجذب الجماهير والمتابعين، فهل رأيتم المرحلة الخطرة التي وصل لها إعلامنا الرياضي؟