باشرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تحولا في سياسة اللجوء منذ مدة. فمن خلال خطوات صغيرة، وربما في الوقت المناسب، من أجل تفادي كارثة في الانتخابات البرلمانية المرتقبة الأحد المقبل في ثلاث ولايات ألمانية. فاللاجئون والمهاجرون الذين تم الترحيب بهم في البداية من جانب المستشارة ميركل دون تحديد سقف أعلى لأعدادهم، يجب عليهم الآن البقاء في تركيا، أو من الأحسن البقاء تلقائيا في تركيا. وتقول المستشارة في الوقت الراهن إن اليونان تتوافر لديها أماكن كافية للإقامة، وإنه يجب تفادي العبور الخطير لبحر إيجة.
والحدود بين اليونان ومقدونيا هي الآن تقريبا مغلقة كليا. وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونلد توسك قائلا "نغلق طريق البلقان" دون التنسيق مع المستشارة. وأصدر بعدها مباشرة نداءً يناشد فيه اللاجئين البقاء في ديارهم.
والتخفيض "الملحوظ" المنشود دوما لأعداد اللاجئين الذي أعلنت عنه المستشارة قد تحقق الآن. فالنمسا ودول البلقان جعلت ذلك ممكنا خلال تحديد سقف أعلى دون مبالاة باليونان.
ويراد خصوصا إبعاد المشكلة من اليونان إلى تركيا. وتهدف الإجراءات إلى دفع تركيا خلال تقديم تنازلات واسعة من جانب الاتحاد الأوروبي إلى منع اللاجئين والمهاجرين من مغادرة أراضيها، وكذلك في كل حال استقبال الأشخاص غير المرغوب فيهم بأعداد كبيرة من اليونان.
والثمن الذي يمكن أن تطلبه تركيا قد يكون غاليا: كالمال وإلغاء التأشيرة ونيل العضوية في الاتحاد الأوروبي وسكوت الاتحاد الأوروبي عندما يتعلق الأمر بخروقات حقوق الإنسان.
فالأتراك يدركون أنهم حلقة الإنقاذ الأخيرة التي تملكها المستشارة الألمانية لتجاوز أزمة اللاجئين. وأدركت المستشارة البراجماتية منذ مدة أنه لن يكون هناك "حل أوروبي". فهي تتطلع في النهاية إلى "حل تركي".
ويتم إعلان تركيا "كدولة آمنة" للاجئين والمهاجرين الأمر الذي يجعل نظريا أي هروب إلى داخل حدود الاتحاد الأوروبي غير شرعي.
ولا يُعرف ما إذا كانت تركيا ستقدم خدمات أولية دون معرفة ما إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي المختلفة فيما بينها ستستقبل أفواجا من اللاجئين مباشرة من تركياـ يعني بصفة شرعية دون الالتفاف عبر طريق البلقان.
والإجراءات التي ستعلن عنها تركيا ستجد مفعولها بعد أسابيع أو شهور. ستكون هناك حاجة إلى عقد جلسات أخرى لفرض مشروع الردع والحد من التدفق، وعند الضرورة توزيع اللاجئين.
ومن هذه الزاوية لسنا بصدد "قمة مصيرية" بالنسبة إلى المستشارة الألمانية أو الاتحاد الأوروبي. فالقرار سيُتخذ بشأن مصير الناس المقهورين الذين يحتشدون وسط الأسلاك الشائكة على حدود مقدونيا أو في مخيمات اللجوء باليونان.
إنهم الضحية الأولى للتحول في سياسة اللجوء. وكم هو عدد الذين سيلحقون بهم؟ الوافدون يزدادون في كل يوم.