قبل سنتين رصد المارة حيوانًا مفترسًا يتجول وسط أحد أحياء العاصمة الرياض، إذ يبدو أنه خرج حينذاك من أحد منازل الحي دون انتباه ساكنيه..

أفهم أن يهوى الإنسان تربية الطيور أو الغزلان، وأتفهم الحالة النفسية لمن يقومون بتربية القطط والكلاب، وأحاول فهم مزاج من يقوم بتربية الأفاعي والضفادع والسلاحف.. قرأت تحقيقًا صحفيًا قبل فترة يكشف إقبال السعوديات في الرياض على اقتناء السلاحف والتي متوسط أسعارها 6500 ريال حسب عمر السلحفاة!

لكنني وهذا موضوع اليوم، عجزت فعلًا عن فهم هواية، أو سر تربية حيوانات مفترسة كـ"النمور والأسود" وسط أماكن يسكنها البشر.. أظن أنه من المهم - بل مهمٌ جدًا - إخضاع الأمر للدراسة والتحليل!

قبل ليلتين فر أسد من إحدى الاستراحات في حفر الباطن.. و"الحفر" لمن لم يسبق له زيارتها؛ مدينة سعودية غالية عانت - وما تزال تعاني - الإهمال.. حتى ليخيّل إلى زائرها أن لا بلدية فيها، ولا مرور، ولا صحة، ولا طرق .. يكفي أن تعرف أن نسبة كبيرة من شوارعها ما تزال ترابية بعد كل هذه الموازنات التريليونية التي مرت بها بلادنا.. أهلنا وأصدقاؤنا في الحفر لا يستحقون كل هذا التجاهل من وزارات الدولة!

عادت هذه المدينة المنسية لتتصدر وسائل ومواقع التواصل، وتحول هروب "الأسد" إلى مناسبة فكاهية؛ يتداول البعض خلالها النكات والطرائف، وكأنهم قد عاشوا طفولتهم في ولاية "غوجرات" الهندية المكان الوحيد الذي تتواجد فيه الأسود في قارة آسيا!

استنفر البعض الآخر بشجاعة للبحث عنه، ولا أعلم ما هي الطريقة التي سيواجه فيها الإنسان الأسد، على اعتبار أن الأخير - وفقًا لموقع ويكيبيديا - مُفترس فوقي؛ لا يفترسه أي كائن حي آخر!

حفر الباطن شهدت قبل أسبوعين مقتل مواطن بسبب "لبوة" مفترسة.. وهذه الهواية ليست مقصورة على الحفر، لكن هذين الحادثين وضعاها تحت الضوء..

وحتى يخرج من يكشف لنا سر هذه الهواية الغريبة، المنتظر وضع تنظيم خاص لها، وحماية الناس من مخاطرها، أمر خارج نطاق التصور أن تخرج لحوش بيتك، وتجد نفسك وجهًا لوجه أمام أسد مفترس.. وكما قال عادل إمام :"أنا بخاف من الكلب؛ يطلع لي أسد"!