تعاني الطالبات في كل المراحل الدراسية، وأخص منها الجامعات والكليات، من سوق سوداء للنقل، يقف خلفها مواطنون في الغالب، إلا أنهم مجهولون لا يعرف عنهم سوى رقم الهاتف أو اسم مستعار، هو اسم حافلته الذي يعرف به في هذه السوق، وبالرغم من أن البداية كانت شائكة حيث كان أولياء الأمور لا يودعون بناتهم مع سائق إلا بعد السؤال عن سلوكه وتاريخه، لكن مع صعوبة الحصول على سائق بالمواصفات التي يرتضونها، تقلصت قائمة الشروط كثيرا، حتى اختفت تماما، وأصبح السائقون مجرد أرقام يتم تداولها عبر قروبات واتساب أو على لوحات إعلانية تنتشر في كل مكان، لتتلقفها الفتيات المأزومات الباحثات عن أي عربة تقلها إلى جامعتها أو كليتها، وتبدأ معانات الطالبات التي لا يستطيع تصورها إلا من يجلس بينهن، فهذا متحرش وذاك مستهتر والآخر لا يلتزم بمواعيده، وغيره سرعته جنونية، فكلما وصل أسرع تمكن من إيصال مجموعات أكبر وحقق ربحا أكثر، وغير ذلك أكثر شناعة ممن يتقاسمن معه مركبة واحدة، ويبدأن في التنقل بين أكثر من سائق، ومحظوظة من تخرج من التجربة كما دخلتها بلا خسائر قد تصل إلى فقدان الحياة بسبب السرعة. فضلا عن التلاعب بالأسعار حيث لا رقابة ولا أنظمة تحد من هذا التلاعب، واستغلال حاجة الطالبات للنقل في أوقات محددة ترتبط بجدول كل طالبة، منعا لهدر الوقت، خاصة إذا كانت الطالبة زوجة أو أما، حيث تفضل العودة إلى المنزل في الوقت الفاصل بين المحاضرات، والذي قد يمتد إلى 3 أو 4 ساعات.

وليس النقل الرسمي بأحسن حظا فيما يختص في التحقق من أمانة السائق وخلقه، فليس هناك اختبار كفاءة أو شروط تتعلق بالخبرة الميدانية أو استعراض لسجله السلوكي، ليتم الحكم من خلالها على السائق، أما شرط العمر فليس ذا قيمة في الحكم، ومازلت أتذكر استغراب إحداهن من تعيين أحد جيرانهم سائقا لباص طالبات وهو سيئ السلوك بين جيرانه.

أعتقد أن الأمر بحاجة إلى وقفة جادة من قبل المعنيين، فهي قضية شائكة تهم كل الطالبات في جميع المراحل الدراسية من الابتدائية وحتى الجامعة، وهي واحدة من المشاكل المسكوت عنها، والتي نتمنى معالجتها بشكل حكيم، وقبل فوات الأوان.