أثار التوقيت الذي اختاره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لزيارة روسيا الخميس المقبل تساؤلات كثيرة، بسبب تزامنه مع زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للرياض في اليوم نفسه، لا سيما أن الجانبين أعلنا أن تطورات الوضع السوري تتصدر أجندة المفاوضات بينهما.
فيما تتزامن الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى موسكو يوم 21 أبريل الجاري، مع زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للرياض ولقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجي، تساءلت بعض الدوائر السياسية عن السبب الذي جعل نتانياهو يزور روسيا في نفس التوقيت، وهل هي مصادفة أم أن اختيار الموعد جاء بعد دراسة متأنية للأحداث التي تزخر بها المنطقة؟
وحسب الدوائر السياسية فإن لقاء "بوتين - نتانياهو" سبقه استئناف المفاوضات السورية في جنيف 13 أبريل، كما يأتي قبل انطلاق الحوار اليمني في الكويت بثلاثة أيام، ويتزامن مع اجتماع الرياض، فضلا عن تصويت البرلمان الليبي في نفس اليوم على منح الثقة لحكومة السراج.
وقال مراقبون إنه بلا شك فإن منظمي اللقاء اهتموا بسلسلة المواعيد هذه، وأضافوا إليها محطة ما بعد الانسحاب الروسي الجزئي من سورية، ذلك أن تل أبيب وموسكو تصرفتا منذ بداية التدخل الروسي في سورية كشركاء وليس كدولتين تجريان مشاورات عادية.
وأضافوا أن بوتين لم يخف يوما أولوية إسرائيل في سياسته الخارجية، ورغم العلاقة الوطيدة بنظام الأسد الأب والابن، بقيت السياسة الروسية على موقفها الحذر من سلوكيات النظام في دمشق. وعندما زار بشار الأسد موسكو في يناير 2005 قبل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير من نفس العام، طلب أسلحة متطورة، بينما شعر الروس بأن الأسد يلعب مجددا لعبة تحسين التفاوض مع الأميركيين الذين احتلوا العراق قبل عامين، لذلك لم تبرز زيارة الأسد تلك بوصفها محطة مهمة في العلاقات بين البلدين، وسارع بوتين بعدها بشهرين إلى زيارة المنطقة مكتفيا بفلسطين وإسرائيل ومصر ولم يزر سورية.
ولفت المراقبون إلى ما فعله بوتين مثل إشارات سياسية لا تنفي تاريخية العلاقات مع سورية، لكنها تؤكد أن العلاقة بين روسيا وإسرائيل تقوم على أسس أعمق، اختصرها بوتين بالقول "إسرائيل لها أولوية في الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا".
لحظات مفصلية
وفقا للمراقبين فإن الجانبين الروسي والإسرائيلي اختارا لحظة شرق أوسطية مكتظة بالمواعيد للقاء وتبادل الآراء، وإن الطرفين منزعجان من حضور أوباما إلى الرياض في وقت باتت فيه المجموعة الخليجية بقيادة المملكة قوة إقليمية ودولية بارزة، تخوض مواجهة مع التهديدات الإيرانية، وتقود تحالفا إسلاميا ضد الإرهاب، وتعيد تنظيم قدرات المجموعة العربية بدءا من مصر، والإقليمية بدءا من تركيا، وإنقاذ اليمن وسورية من التخريب الإيراني، دون التزحزح عن إيجاد حل للقضية الفلسطينية، استنادا إلى المبادرة العربية. وفيما يرى المراقبون أن البلدين لا يتبنيان وجهات نظر متطابقة في كل المواضيع، إلا أنهما يؤكدان أنهما ينظران بعين الاعتبار للموضوع السوري، مشيرين إلى أن التواصل بين موسكو وتل أبيب بشأن الوضع بسورية لم يتوقف.
صمت محور الممانعة
ذكر المراقبون أنه بعد أيام من التدخل العسكري الروسي بسورية في مطلع سبتمبر الماضي، قام نتانياهو بزيارة موسكو، حيث تم فيها الاتفاق على أمرين، الأول ضمان روسيا عدم تهديد القوات الإسرائيلية في الجولان المحتل، والأمر الثاني ضمان حرية حركة الطيران الحربي الإسرائيلي في توجيه الضربات إلى قوافل تنقل سلاحا إلى حزب الله في لبنان.
وأشار المراقبون إلى أنه تم الالتزام بهذه التعهدات على أكمل وجه، وصمت أطراف محور الممانعة، إذ هم لا يريدون إلا شيئا واحدا وهو بقاء الأسد، ولهذه الغاية تلتقي مصالح جميع الأطراف من طهران إلى المتوسط مرورا بموسكو.