قد يصبح ما كان بالأمس محظورا وتشبهاً باليهود والنصارى متاحا يخدم عامة المواطنين وييسر أمورهم إذا ما تم إقراره واقعا، إنما هي أبواقٌ قطعت على نفسها عهداً بعدم التفكّر قبل إطلاق التحريمات والموانع، وليس قرار تغيير إجازة نهاية الأسبوع عنا ببعيد؛ فكما قوبل بالتحريم قبل إقراره قوبل بعده بالترحاب والمديح والتأمل في مدى تيسيره لحال الناس.
وحسب اعتقادي فإن المطالبة بتقنين أحكام القضاء وفرض الرقابة على أداء القضاة وكتّاب العدل سيقابل بما هو أشد ما دامت الألسنة تنطق تحت عقول جامدة، فهناك من لا يريد لذلك الجهاز أن يصبح أفضل مما هو عليه الآن "لحاجة في نفس يعقوب".
فعندما يكون الحكم الصادر بحق سارق لقطيع من المواشي هو السجن مدة لا تزيد عن شهر، وفي منطقة أخرى يحكم على سارق أعواد حطب بالسجن لمدة 3 أشهر وغرامة مالية بالشيء الفلاني؛ هنا يكون تقنين أحكام القضاء واجباً، وعندما يصبح التعداد السكاني للمملكة في تزايد مقابل ابتعاد قضاة عن مهنتهم بسبب رهبتهم من إيقاع العقوبة على من لا ذنب له؛ هنا يكون تقنين أحكام القضاء مطلباً أساسياً، وفي الوقت الذي يعاني فيه سماحة القاضي من مشكلاتٍ خارجية تجعله ممتنعا عن الحضور للمحكمة وتأجيل قضايا المتحاكمين لسنوات خوفاً من تأثير نفسيته على الحكم القضائي ففي تلك الحالة لا بد من التعجيل في التقنين وفرض الرقابة.
شخصياً لا أعلم الأسباب التي تجعل البعض قلقاً من هذا الأمر، بالرغم من أنه لا يمنع الاجتهادات الشخصية في الحالات الاستثنائية، كما هو الحال في تلك الدول التي وحّدت لوائح القضاء على جميع قضاتها.
وفي النهاية لا بد من الشروع في تقنين أحكام القضاء بصورة متكاملة تشمل أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية ومذاهب الأئمة الأربعة، وبما يكون صالحاً لملايين المواطنين الذين يعانون من إعاقة كثير من أعمالهم بسبب أخطاء كثيرة تتخلل الجهاز القضائي.