ثقافة واحدة، وفعل همجي واحد ذلك الذي يجمع بين اعتداء الإرهابيين على كنيسة (سيدة النجاة) في بغداد الأحد الماضي، وبين خطف وفاء قسطنطين منذ عام 2004 وكاميليا شحاتة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، واحتجازهما في أحد أديرة الكنيسة المصرية بعد إعلان إسلامهما.

فكما أعتقد أن ليس هناك عاقل يؤيد ما فعله الإرهابيون بالكنيسة العراقية، باعتبار أن الاعتداء على بيوت الله من أشد الجرائم، فإنني أعتقد أيضاً أن الاعتداء على الإنسان وخطفه واحتجازه بغير حق هو جريمة بحق الإنسانية كلها، حتى لو تراجعت وفاء وكاميليا – كما تدعي الكنيسة المصرية – عن إسلامهما.

قبل حوالي شهرين، وتحديداً في 10/ 9/ 2010، ناشدت في هذا المكان (شنودة الإنسان) و(شنودة الشاعر)، في مقال بعنوان "مسلمة خلف قضبان الكنيسة"، وذكرته بالبيت الذي قاله يوماً:

قل لمن يزرع أشواكاً كفى

هو نفس الشوك أيضاً سوف تجني

واليوم أسأل شنودة نفسه قبل أن يقول إن الاعتداء على الكنيسة في بغداد، والتهديدات الإرهابية بالاعتداء على الكنائس في مصر لن ترهبنا، ولن نطلق سراح وفاء ولا كاميليا لأننا لا ننفذ أوامر الإرهابيين، ولا ينبغي أن نخضع لتطرفهم، أسأل شنودة: هل تعرف ماذا تعني عبارة: "قول حق يراد به باطل"؟!.

ليس هناك إنسان سوي يرى في الخنوع للإرهابيين حكمةً، ولا في تنفيذ أوامرهم وأفكارهم درءاً لمفسدة، بل العقلاء والحكماء في أي مكان كانوا يدعون دائماً إلى مقاومة التطرف والإرهاب أياً كان شكله وأياً كان المستهدَف، ولكن ألا يرى شنودة في خطف وقمع وحبس الإنسان إرهاباً؟!، وفي التعدي على حريته تسلطاً وتطرفاً؟!.

ألا يرى شنودة في الاعتقاد بأن المسلمين (ضيوف على مصر) كما قال ذراعه الأيمن الأنبا بيشوي، حقداً وانحرافاً فكرياً وواقعياً وتاريخياً، فجّر خلافاً لولا العقلاء في مصر ما خمدت ناره؟!.

إن العقل الذي يرفض ما فعله الإرهابيون في كنيسة بغداد، هو نفسه الذي يرفض أن تجر الكنيسة المصرية الوبال على نفسها وعلى مصر بشكل عام، إذ يظل المسلمون والمسيحيون في هذا البلد إخوة في الإنسانية، وتجمعهم علاقات تاريخية من الود والصداقة والاحترام والتعايش في وطن واحد، كان وما زال لكل المصريين، وتلك حالة فريدة قابلة للاستمرار والدوام شريطة أن يعي شنودة وبيشوي ومن على شاكلتهما أنهما في وطن اسمه (مصر) لا (الأزهر) ولا (الكنيسة)، وكما أن الأزهر لا يحق له أن يحتجز إنساناً أو يحرمه من حقوقه، فإن الكنيسة لا يحق لها أيضاً، ومن ثم فإن اختطاف وفاء وكاميليا ليس له معنى سوى (الإرهاب)، تماماً كـ(الإرهاب) الذي شهدته كنيسة بغداد!.