نادرا ما غاب الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني عن انتباه العالم بالقدر الذي نشهده اليوم. فنظرا إلى التهديد الذي يُشكله تنظيم "داعش"، والكارثة الإنسانية في سورية، والصراعات الدائرة في العراق وليبيا واليمن، من الصعب إيجاد أحد في واشنطن أو العواصم العربية يلتفت إلى الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن المشكلة لن تُحل بنفسها.
ونظرا لأن الفلسطينيين منقسمون، وبعض قادتهم يفقدون مصداقيتهم بشكل متزايد، وتولي حكومة يمينية في إسرائيل زمام الحُكم حاليا، لا يبدو أن الصراع سيُحل قريبا. ولكن ذلك يُشكل سببا إضافيا يدفعنا إلى التفكير في طرق الحفاظ على احتمال حل الدولتين، لا سيما أن الفلسطينيين يدخلون مرحلة يسودها عدم اليقين حول خلافة السلطة الحالية.
وأي جهود جديدة يجب أن تبدأ بتخفيف الاحتقان، وإعادة الأمل في احتمالات الحل. ولكن بسبب الشلل في الوضع الفلسطيني، قد تكمُن الطريقة الأسرع للبدء في تلطيف الأجواء بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في تغيير سياسة الاستيطان الإسرائيلية خلال اعتماد مقاربة جديدة لمعالجة هذه المسألة الخلافية.
ومن شأن إمكان تبلور مقاربة أميركية جديدة ،أن تقر بأن البناء داخل الكتل الاستيطانية لا يغيِّر ملامح "خارطة السلام".
وفي حين أن هذه المقاربة لن تتبنى رسميا النشاط الاستيطاني، فستسعى مع ذلك إلى حصر الاستيطان في المناطق التي يُرجَّح أن تكون جزءا من الأراضي الإسرائيلية في أي اتفاق يشمل حل الدولتين.
وفي الوقت الذي تُظهر فيه استطلاعات الرأي أن معظم الفلسطينيين يعتقدون أن إسرائيل ستستمر في الاستحواذ على الأراضي في الضفة الغربية، قد يكون من المهم أن تُثبت إسرائيل أنها ستتوقف عن البناء في 92% من أراضي الضفة الغربية.
وإذا تزامن ذلك مع السماح للفلسطينيين بالبناء في المنطقة "ج" - التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية وتسيطر عليها إسرائيل حصريا- قد يؤمن الفلسطينيون مجددا باحتمالات التغيير.
ولكن للأسف، في سياق لعبة الخسارة والأرباح الراهنة، وبينما يقوم الفلسطينيون بمقاومة الإسرائيليين باستمرار، من المرجح أن يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن مثل هذه الخطوات غير مقبولة، ما لم تحصل إسرائيل على مكسب مهم في المقابل. وباستطاعة إدارة الرئيس أوباما أن تقدم كثيرا من الأمور التي ستهُم نتانياهو.
وإذا كانت إسرائيل مستعدة للقبول بهذه المقاربة، فإنها ستضع حدا للانجراف نحو دولة ثنائية القومية، وتضعف حركة نزع الشرعية دوليا، وتمنح الولايات المتحدة القدرة على منع أي عقوبات أوروبية مستقبلية ضد إسرائيل.
وسيؤدي ذلك أيضاً -بعد عقود- إلى التخلص من مسألة الاستيطان التي تُشكل عثرة دائمة في العلاقات الأميركية-الإسرائيلية.
لدى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل مصلحة في تحقيق هذه الأهداف، ولكنهما لم تستخدما المهارات الدبلوماسية حتى الآن لتحقيقها. أفلم يحِن الوقت لتحقيق ذلك، وإعادة الأمل بإمكان الحل مجددا؟